ثم المرائي الذي يعبد ربه رئاء الناس (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فثالوث الإشراك منحوس حسب مختلف دركاته ، في حياة رذيلة مضطربة تخرج الإنسان عن وحدته إلى كيان ممزّق مفرّق.
والموحد هو كعبد سلما لرجل ، إذ يملكه سيد واحد ، عالما طلباته ، متوجها إلى مرضاته ، فهو في راحة عن تناقض الحياة وتضاد الطلبات ، فالقلب المؤمن بحقيقة الإيمان هو الذي يقطع رحلات الحياة على هدى واضحة ، إذ لا يعرف ولا يهدف إلّا مصدرا واحدا ومصيرا ومسيرا واحدا منحا ومنعا ، فتستقيم اتجاهاته في مختلف الحقول إلى هذا المبدء المصير ، عابدا له وحده ، ومطيعا له وحده ، ومعلّقا آماله وأعماله عليه وحده ، معلّقا يديه بحبل واحد يشد بكل إمكانياته عروته ، يعيش في الأرض متطلعا إلى إله السماوات والأرض ، رافضا سواه وراءه ظهريا.
(هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) حتى يستويان ممثّلا؟ فذلك في جحيم الحياة الدنيا قبل الآخرة ، وهذا في جنة الله هنا قبل الآخرة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على وحدته وأمره بتوحيده توحيدا لاتجاهات الحياة نحو الكمال (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) مدى نحوسة الشرك واكتئابه ، وطيبة التوحيد واكتسابه.
وترى إذ «لا يعلمون» فمرفوع عنهم تكليف التوحيد حيث «رفع ما لا يعلمون»؟ كلّا! حيث الجهل هنا متجاهل عامد ، ومتعاضل شارد ، وكيف لا يعلمون وهذا من أوضح موارد العلم لمن له مسكة حتى المجانين ، فضلا عن العقلاء العارفين ، ولذلك (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)!
وكما الإشراك بالله ـ أيا كان ـ فيه نحو سته وانجرافه ، كذلك الإشراك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسوّى به من دونه ، فيطاع كما