تبدأ بوصفي العزة والعلم ، ليعلموا ألّا غالب على كتابه بعزة او علم ، ف (إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) ـ (أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) فلا طاقة به لمن سوى الله.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)(٣).
هذه الست والعزيز العليم أوصاف ثمانية كأبواب الجنة الثمان ، تفتتح السورة بها ، مزيجة من صفات الجلال والجمال لتدلنا على أنه تعالى أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة.
وإنها مجموعة صفات ذات علاقات موضوعية بمحتويات السورة ، فكل موضوعاتها تتعلق بهذه الثمان ، التي تحمل بعدي الجلال والجمال ، المتوحدين فيما تتوحد بذاته الواحدة ، منحصرة فيه منحسرة عن سواه!.
والعطف بين غافر الذنب وقابل التوب لانعطافهما في أصل الرحمة مهما كان الثاني من مصاديق الاوّل ، والذنب هو الأخذ بذنب الشيء ويستعمل في كل ما يستوخم عقباه ، فإن كانت عقبى الأولى فهو من أحسن الصالحات وإن كانت الأخرى فمن أنحس الطالحات.
والغفر هو الستر دفعا او رفعا ، فالغفر عن ذنوب المعصومين يختص بالذنب الصالح كما للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ...) وهو بالنسبة للطالح ، لهم دفع وصدّ أن عصمهم الله من الزلل وآمنهم عن الخطأ ، وما استغفارهم إلا كالاوّل فكالأول أم كالثاني فكالثاني ، دون رفع لخلفيّة عصيان على أية حال.
والتّوب هو الرجوع الى الله ، إما عن عصيان فهو قابله ، أم عن