و (تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) هو تطويرهم وتطوّرهم من طور إلى طور ومن دور إلى دور ، نعمة ودولة أماهيه من زخرفات حياة الغرور.
جدال الذين آمنوا في آيات الله يخيف ويعز غير ثابتي الإيمان دون انتقاص فيها وانتقاض لها ، ولكن المؤمن ما يجادل في آيات الله إلّا استنباطا لها ، ولو انجرف الى جدال بالباطل ومراء أصبح كفرا عمليا كما نبه به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن الذين كفروا هم وحدهم المجادلون في آيات الله إبطالا لها ، وإضلالا للمصدقين بها ، فهم وحدهم يجادلون فيها دونما حجة لهم إلّا داحضة (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) مهما تحركوا وملكوا واستمتعوا فإنهم الى اندحار وبوار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) ف (لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣ : ١٧٨) (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) (٨ : ٥٩).
(فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ)! فذلك التقلب والتغلب «متاع قليل ثم إلينا يرجعون» فنعاقبهم بما كانوا يعملون.
(فَلا يَغْرُرْكَ ...) ولا تتضايق يا رسول الهدى فكم لهم من نظير (فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ).
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ)(٥).
فهم داحضون كما حجتهم داحضة.
(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ)(٦).
فقد جمع لهم دحض يوم الدنيا التي دحض يوم الدين.