بظاهر الحياة الدنيا ، ف (لا يَغُرَّنَّكَ ...) فإنهم كفروا في جدالهم في آيات الله وما هم بغالبين (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ...) وليس لهم إلّا متاع قليل «وكل متاعب الدنيا قليل» ثم (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) لأنهم ركزوا على الكفر فلا رجوع حتى يتوب الله عليهم ، ف (الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا يخصهم دون من يتوب فيتوب الله عليهم ويخفف عنهم.
فلأن جدال الكافر هو كافر الجدال وحجتهم داحضة فلا خوف منهم على آيات الله ، ولأن تقلبهم قليل مهما طال الأمد فلا تغلّب في تقلّبهم على الله مهما كان على عباد الله ولكنه (مَتاعٌ قَلِيلٌ) (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) و (آياتِ اللهِ) هنا تعم التدوينية القرآن والتكوينية من نبي القرآن وبيناته وسائر الآيات آفاقية وأنفسية ، والجدال فيها بالحسنى يأتي بالحسنى وبالسّوائى يأتي بالسّوائى ، فالأولى جدال المؤمنين ليستحكموا عراها والاخرى جدال الكافرين ليستهدموا هداها (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) ثم و «جدال في القرآن كفر» (١) وإن لم يكن عن كفر.
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٤٥ ـ اخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ... و : مراء في القرآن كفر واخرج عبد بن حميد عن أبي جهم قال اختلف رجلان من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في آية فقال أحدهما تلقيتها من في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال الآخر انا تلقيتها من في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاتيا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرا له ذلك فقال : انزل القرآن على سبعة أحرف وإياكم والمراء فيه كان المراء كفر ، وفي كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الرحمن بن سمرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لعن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا ومن جادل في آيات الله فقد كفر قال الله عز وجل : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ).