بعد خصوص ، اجتثاثا صارما لبواعث الجحيم ، وقد تعم (السَّيِّئاتِ) سيئات المسيئين سواهم ألا تلحقهم بخلفياتها وكما (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ)(٤٥) فانها وقاية الدفع عما مكروا بموسى ان يفتكوا به ويقتلوه!.
(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٨).
وإذا كانت الدعاء «للذين آمنوا وتابوا واتبعوا سبيلك» ف «هم» في «أدخلهم» يعمهم ، فما هو إذا موقف (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) وهم داخلون في «وأدخلهم» إذ كانوا مؤمنين فإنهم ممن «صلح»؟.
(مَنْ صَلَحَ مِنْ) تقيّد (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بالمؤمنين الأصول ، فتعني هي المؤمنين الفروع وكما في الطور : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)(٢١) إلّا في آبائهم وأزواجهم في ظاهر اللفظ ، ولكنما الذرية في الطور هي ذرية الإيمان فتشملهم من آباء وازواج وأولاد ، الذين عاشوا الإيمان على هوامش الأصول ، حيث (اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ).
وعلّ الأزواج تعم الذكران والأناث كما تعم كافة القرناء في الإيمان ، واختص بالذكر الآباء والذريات لاختصاص قرابة الإيمان ، فذرية الطور تشمل الثلاث هنا ، والذرية هنا تقابل الآباء والأزواج ، كما الأزواج هنا ـ علّها ـ تشمل كافة القرناء أنسباء وغير أنسباء.
ولماذا (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في موضع الغفر والرحمة؟ لأنهما من لوازم وسعة العلم والرحمة ، استشفاعا بسعة رحمته وعلمه يضع العزة حيث تقتضيها الحكمة!