(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩).
«وقهم» تعني الذين آمنوا كلهم من أصول وفروع ، وظرف الوقاية هنا أعم من الدنيا والآخرة ولكن الأهم هي الثانية : (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ).
والسيآت حين تفرد دون مقابل تعني المعاصي كلها صغيرة وكبيرة ، فوقايتهم إياها يوم الدنيا تعم الرفع والدفع ، رفعا بالتوبة لمن ابتلي بها ، ودفعا بالتسديد عمن هاجمت عليه ولمّا يبتلى ، وهذا يليق بأصول الإيمان وذلك يناسب فروعه.
ثم إذا تبقّت سيئات عملت دون توبة عنها أم توبة من الله عليه لعظمها أماذا من منعة الوقاية ، فبقيت ل «يومئذ» القيامة الكبرى ف (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) حين لا توبة هناك ، وقاية بشفاعة أمّاهيه ، ووقاية السيئة «يومئذ» لا تعني السّدّ عن اقترافها ، وإنما صدها عن بروزها ، حيث الجزاء هو السيئة بنفسها ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فالسيئة التي بقيت حتى (يومئذ) توقى وتمحى (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)(١١).
المقت هو أشد الكره ، فقد كرهوا أنفسهم باشدها لمّا دعوا إلى الإيمان بحججه ولصالحهم في الدارين فكفروا ، وقد خيّل إليهم أنهم غالبون أحرار في شهواتهم وكفتهم حظوة الحياة الدنيا عن أية حياة ، ولكن (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ) فإنه صراح المقت دونما شبهة أو خفاء ، فليس يعني عذابا أكثر مما يستحق ، بل هو اكبر في مظاهره بنصوعه وهم ماقتون أنفسهم ويحسبون