(يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) إلقاء من أمره لا سواه ، وروحا من أمره لا سواه : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(١)(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١٦ : ٢) تنزيلا من أمره بالروح من أمره لا أمر في أيّ من أمره لسواه.
ترى الروح هنا هو الروح القدس ، روح العصمة والتسديد المستكن في قلوب المعصومين (٢) أم هو الروح الأمين (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ ...) (٢٦ : ١٩٣) (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) (١٦ : ١٠٢) وهما جبريل الأمين (٣)؟ ام هو روح الوحي : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ...) (١٧ : ٨٥) فالكل ملقى ومنزّل على من يشاء من عباده ، مهما كان روح الوحي هو الأصل ، وروح العصمة ظرف لنزوله ، والروح الأمين سبب لإنزاله؟
قد يعني الروح الملقى من أمره هذه الثلاثة متأصلة روح الوحي ، وهو أحق أن يسمى روحا وأحرى من سائر الأرواح ، لأن المكلفين يحيون به من موت الضلالة وينشرون به من مدافن الغفلة والمتاهة.
و (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ليست مشية فوضى جزاف ، بل هي اصطفاء (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ)
__________________
(١). ف «من امره» حال ام صفة للإلقاء والروح فكلاهما من امره.
(٢). تفسير البرهان ٤ : ٩٤ ح ١ علي بن ابراهيم قال قال روح القدس وهو خاص لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام.
(٣) البرهان ٤ : ٩٤ ح ٢ القمي بسند عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن قول الله عز وجل : ينزل الملائكة بالروح من امره فقال : جبرئيل.