إنذارا لائقا برب العالمين لكل العالمين ، ثم تبشيرا لمن آمن منهم ، فالإنذار هو حجر الأساس الذي ترتكن عليه دعوة الرسالات ومن ثم التبشير (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (١٣ : ٧) و (يَوْمَ التَّلاقِ) هو القيامة التي تتلاقى فيها الأرواح بأجسادها بعد فصال ، ويتلاقى أهل الحشر عن آخرهم «يلتقي أهل السماوات والأرض» (١) فهو يوم بروز الكل للكل فهل يخفون على الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ثم تلاق في وئام تام لأهل الإيمان ، وفي محاجة وصدام بين سواهم ، وتلاق رابع بين المكلفين وأعمالهم ، وخامس تلاقي جزاءهم ، وهل يعم التلاق لقاء الله في يوم الله؟ علّه نعم (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) (٢ : ٢٢٣) (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٨٤ : ٦) وعلّه لا ، حيث التلاق لقاء من الجانبين وهو من الله حاصل منذ خلق الخلق ، وقد تختلف الملاقاة عن التلاق ، حيث الثانية تفاعل بين اثنين على سواء ، والأولى فعل من الملاقي بتقبل من الملاقى ، فما هما على سواء ، اللهم إلّا أن تعنيه ضمن ما عنته من تلاقي أهل الحشر وسواه ، فكما أنه يوم الفصل كذلك هو يوم التلاق ، كل في موقفه وعلى حده.
ولأن الإنذار هادف يوم التلاق ، فلتعن التلاق لقاء الله في يوم الحساب حتى يتحقق حق الإنذار ، إذ لا خوف من سائر التلاق لولا لقاء الله ، مهما عنت سائر التلاق.
(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ)(١٦).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥١٤ ح ٢٤ في معاني الاخبار بسند عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يوم التلاق يوم يلتقي اهل السماء واهل الأرض.