هنالك أنفس أمينة وأخرى خائنة (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ ...) (٥ : ١٣) ثم ولكل جارحة وجانحة أمانة وخيانة والله (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) مثالا لجارحة (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) مثالا لجانحة.
فلقد «قسم أرزاقهم وأحصى آثارهم وأعمالهم وعدد أنفاسهم وخائنة أعينهم وما تخفي صدورهم من الضمير» (١).
(خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) صفة مضافة إلى موصوفها ، وكونها مصدرا وصريحه الخيانة خلاف الصحيح والفصيح ، ثم ليست لكل الأعين خيانة وهي قضية المصدر!
للجوارح خيانات و (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) أسرّها تدليلا وأسرعها نفاذا ، وأخطرها نفوذا ، ولذلك تختص من بينها ، ثم الخيانة قد تكون جهرة ، فيعلمها غير الله كما يعلمها الله ، وقد تكون خفية رئاء الناس ، وهي المناسبة هنا ل (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) حيث المرائون يغتنمونها كأنها الله كما الناس لا يعلمها ... ألم تر الى الرجل ينظر إلى الشيء وكأنه لا ينظر فذلك (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ)(٢) فهي ـ إذا ـ سارقة النظرة ، لا كل نظرة عاصية مهما كانت خائنة لمكان «يعلم» ... (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) نظرة تخفيها كما تخفي الصدور ، وان يعلم الله كل خيانات النظرة وسواها بيّن لا يحتاج إلى بيان فإنه عيان.
وهلّا تجوز خيانة الأعين حتى فيما يجوز كأن تشير غمضا إلى شخص فيعاقب باستحقاق؟ علّها لا إلا فيما لزم الأمر دون مندوحة ، ولكنها تقية لا تليق بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فكل أمره صراح وقد يروى عنه
__________________
(١) نهج البلاغة عن الإمام امير المؤمنين (عليه السلام).
(٢) نور الثقلين ٤ : ٥١٧ ح ٣٣ في معاني الاخبار باسناده الى عبد الرحمن بن سلمة الحريري قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية فقال : الم تر ...