(يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ)(٢٩).
خير حجاج من مؤمن آل فرعون وجاه شر لجاج من فرعون ، يقول الداعية (يا قَوْمِ ...) كحجاج ثالث لا مردّ له لنصرة الحق (لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) لأطول الزمن وعلى أية حال (ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ) غالبين فيها مستعبدين ، هذا يومكم ردح الامتحان (فَمَنْ يَنْصُرُنا) أنا وإياكم سواء (مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) في يوم الله؟ (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) فهل ينصركم ملككم اليوم ولا يأتي يومئذ إلّا بأسا على بأس حيث ارتكن على بؤس! ويقول الطاغية كلمتيه اللّاغيتين دون أن تحملا أية حجة إلّا لجاج استكبار ، إنني حق وفوق الحق ، فما أراه هو الحق لا سواه (ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) دون ما يراه غيري أو تراه حجة وبرهنة وإنما (ما أَرى) ليس إلّا ف «إني أنا ربكم الأعلى»! حيث (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) فالرأي الحاسم الرشيد هو قتله سدا عن تغيير الدين وصدا عن الفساد.
إن الفرعنة الطاغية بأية صورة وعلى أية حال ، تحاول ولا تزال أن تحمل الشعوب على ما تراه ، فلا تسمح لأحد سواه في رأي سواه ، ولا مصدرا ووليا في أمر إلّا إياه ، والله الذي خلق السماوات والأرض يتبنّى أحكامه وأوامره على أوضح البراهين ما أمكن تفهّمه للعالمين ، ثم (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)!
داعية الحق يحمل الشعوب على التدبر والتفكير وانتخاب الأصلح ابتداء من نفسه ، إن كان حقا ببيناته فاقبلوه وإن كان باطلا فارفضوه.
وداعية الباطل الطاغية (ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) ولا حق لأحد أن