مردّ له عن الكافرين وان المتقين في مقام أمين ، والأحزاب المتحزبة ضد الرسالات هم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من المكذبين ، «إني أخاف عليكم مثل دأب» هم : عادتهم في تكذيبهم آيات الله ، وعادتهم في جزائهم بما كذبوا (١) دأبا بدأب ، (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) فانه جزاء وفاق ماله من فراق ، ويا له من دأب يخاف عليهم أصبح فيهم ركنا يمثّل به سائر الدأب في تاريخ الكذابات : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا) (٣ : ١١) : (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) (٨ : ٥٤) كذبوا بآيات ربهم (٨ : ٥٤)!
لماذا (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ) واحدا لأنهم واحد بطبيعتهم وكيانهم ، مهما كانوا أقواما حسب واقعهم وكونهم ، فكما الكفر ملة واحدة فقومه كذلك واحد هو الذي يتجلى فيه بأس الله ، وهذا من بأس يوم الأولى ، وإلى تطرّق ليوم آخر من أيام الله وهو يوم التناد :
(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ)(٣٣).
وما ألطفه ترتيبا رتيبا لإنذارهم من (بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) وهو أقل تقديرا بأسا واحتمالا ، ف «إن» تشكّك ، والدنيا تخفّف ، وهو أقل الاحتمالات من «إن يك صادقا فعليه كذبه» ثم يوم الأحزاب وهو أوسط تقديرا محققا ثابتا للأحزاب ، ومن ثم اليوم الآخر يوم التناد! «يوم ينادي أهل النار أهل الجنة» (٢) ، كما نتنادى نحن وإياكم هنا واين تناد من تناد :
__________________
(١) في الدأب الأول اضافة المصدر الى الفاعل وفي الثاني اضافته الى المفعول اي دأب الله إياهم.
(٢) نور الثقلين ٤ : ٥١٩ ح ٤٤ في معاني الاخبار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يوم التناد يوم ينادي اهل النار اهل الجنة : ان أفيضوا علينا.