الجواب الحاسم الجازم (إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) فلا حكم لسواه إذ لا حاكم هنا سواه؟ حاكم عدل في ذلك العدل.
وهل «يتحاجون» هنا يخص آل فرعون لسابقة حالهم؟ علّه نعم فإنهم المخصوصون بذكرهم ، أو يعم سائر الكفار حيث المحاجة بين الضعفاء والذين استكبروا وهم أعم من آل فرعون مهما كانوا أنحس مصاديقهم ، فالمورد لا يخصّص حتى لو كانوا هم المورد؟ (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ ...) بعدها يؤيد العموم ، ومنطق الآية نفسها منطق العموم! فهي ـ إذا ـ محاجة بين ضعفاء التاريخ ومستكبريهم : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (١٤ : ٢١).
و «الضعفاء» هنا لا تعني كل الضعفاء ، وإنما المقصّرون في قصورهم واتّباعهم ، دون المستضعفين (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ، فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ...) (٤ : ٩٨) فضلا عن مستضعفي المؤمنين فإنهم ليسوا ضعفاء في ذوات أنفسهم وأفكارهم مهما استضعفوا في حركاتهم وسكناتهم وبظاهر حياتهم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ...) (٢٨ : ٥).
بل هم الضعفاء المستضعفون (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٤ : ٩٧).