وكما أن الدعاء تلو العبادة ، كذلك العبادة والدعاء تلو المعرفة (١) وكما تلمح له (إِذا دَعانِ).
«ادعوني» في دعاء الاستدعاء هنا ركن لمكان «أستجب» ولكنها تستصحب شرطها الأصيل : دعاء العبادة ، ثم تتلوها «عبادتي» أنها دعاء الاستدعاء والافتقار ، فالأخرس عن هذا الدعاء على حاجته على أية حال ، ناكر لفقره وافتقاره إليه ، وكافر بغناه.
وهل تعني «أدعوني» بلسان القال؟ وكثيرون يدعون ولا يستجاب لهم ، وقليل يدعون بلسان الحال وهم مستجاب لهم! أم تعني لسان الحال دون قال؟ والمقربون من عباد الله يدعونه بمقال مع حال!
أم تعني لسان الحال ويبرزه المقال والأعمال ، فالعناية إلى مثلث الدعاء كأكمل درجات الدعاء ، وهو الذي يضمن الاستجابة؟ وقد تعنيه آية البقرة (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ...) (١٨٦) فإن «دعان» بعد (دَعْوَةَ الدَّاعِ) لا يعني تكرار الدعاء ، بل هو حقيقة الدعاء دونما شائبة ، ظاهرة ناطقة عن الباطنة بلسان العمل والقال.
وإذا كانت الاستجابة مضمونة بعد الدعاء فما لنا ـ في الأكثر ـ لا يستجاب لنا؟(٢)
__________________
(١) المصدر ح ١٠٤ في كتاب التوحيد باسناده الى موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : قال قوم للصادق (عليه السلام) ندعوه فلا يستجاب لنا؟ قال : لأنكم تدعون من لا تعرفونه.
(٢) المصدر ح ٩٢ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان المؤمن ليدعوا الله عز وجل في حاجته فيقول الله عز وجل : أخّروا إجابته شوقا إلى صوته ودعائه فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل : عبدي! دعوتني فاخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا دعوتني في كذا او كذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا او كذا قال فيتمنى المؤمن ...