كما يجب ، كما لم يعقلوا فطرة الله وعقولهم.
فحجة الفطرة أقوى من حجة الشيطان التي تسترها ، لأنها ليست إلّا غواية ، وحجة العقل أقوى وهي في الشيطان أغوى ، وحجة الرسالات معصومة تفصيلا كما حجة الفطرة إجمالا ، فإضلال الشيطان للجبل الكثير ليس إلّا استضعافا لحجج الله داخلية ومنفصلة ، حيث لم يعقلها العاقلون : (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) أنتم الماشون سبيل الجبلّ الكثير كما هم ، فالعقل مفتاح الفلاح والصلاح حين يستعمل على ضوء الفطرة كآية أنفسية ، وعلى ضوء ساير الآيات الآفاقية وكما في الحديث «العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان»!
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
المخاطبون هنا هم المجرمون الذين (يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) دون بني آدم أجمعين ، ولا عصاتهم أجمعين ، حيث الصلي إيقاد كما في سائر القرآن ، وليس إلّا لأصول الضلالة دون الأتباع : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٩٢ : ١٥) (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (٣ : ١٠) (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٢١ : ٩٨).
وعلّ «هذه» إشارة إلى جحيم ضلالتهم على عقلهم إذ لم يعقلوا ، ثم جحيم البرزخ وهي حصيلة تلك الجحيم ، ومن ثم جحيم الآخرة وهي بروز كامل لهما حيث (يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) فهم ـ إذا ـ في ثالوث الجحيم كلّ تلو الأخرى ، صورا ثلاث عن جحيم واحدة!
فليست آيات الله آفاقية وأنفسية بالتي تقهر أمام كيد الشيطان ، وإنما الانسلاخ منها بعد إيتاءها : «واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى