إنهم وهم في دار السعي والإختيار قد يردّون إلى النكسة ، كيف وهم في دار الجزاء اللّا إختيار يسدون عنهم النكسة عن الصراط وهم في قبضة العلي القدير! (أَفَلا يَعْقِلُونَ) عن ماضيهم لمستقبلهم؟!
أترى كل من يعمّر ينكس لأرذل العمر ، وقد عمّر نوح (عليه السلام) ألفا أو يزيد وهو رسول في كمال العقل والدراية ، وعمر المهدي القائم من آل محمد اثنى عشر قرنا وإلى ما لا ندري وهو يظهر في صورة شاب بالأربعين؟
إن هذا وذاك تعمير دون نكسة ورذالة ، يستثنى عن عموم التعمير ، ولا سيما للمهدي(عليه السلام) فانه خارقة إلهية في عمره وكل أمره صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام.
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٦٥).
هل إنه الختم المطلق على أفواههم يوم الحساب؟ و (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٤ : ٢٤)
تشهد بشهادة ألسنتهم! ولكنها شهادة دون اختيار كما الأيدي والأرجل! ومن ثم ماذا نصنع بقولهم : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا ...) (٤١ : ٢٠)؟.
القول الفصل هنا فصل القول ، أن ليس قالهم بفتح أفواههم إلّا بعد شهادات الأعضاء بختم أفواههم : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٤١ : ٢٢) ، فالله هو الذي ينطق الألسنة والأيدي والأرجل والسمع والأبصار والجلود