مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢٩ : ٤٨) والشعر ينهج غير منهج النبوة فإنه انفعال يستغل وهي فعل يستغل ، هناك انفعال يتقلب من حال الى حال في مختلف الأحوال ، وهنا منهج ثابت من الله لا يتبدل مع الأهواء المتجددة التي لا تثبت على حال ، وهناك أشواق إنسانية واقعية أم متخيلة إلى ظاهر الجمال ، وهنا حكم وأحكام إلهية مرسومة في كتاب التدوين تجاوب كتاب التكوين ، فهما مختلفان من الأساس ، لا نجد لكلّ في صاحبه اي مساس.
لذلك لم يعهد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نقل أي شعر عن أي شاعر إلاليّا (١) فضلا عن إنشاده في سنته ، وأحرى منها براعة يراعة قرآنه.
وأما إنشاء الشعر ونقله بين الأئمة المعصومين فقد ينبغي إذ ليسوا في موقف الرسالة ، ثم وما كان لهم في الشعر مراس ، وكانوا يستحسنون أحسنه دعاية للإيمان بعد دعوة السنة والقرآن ، وقد مدح الله الشعراء الذين
__________________
(١) ولقد كان يقلب الشعر حين ينقله كما في الدر المنثور ٥ : ٣٦٩ ـ اخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال بلغني انه قيل لعائشة هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت : كان أبغض الحديث اليه غير انه كان يتمثل ببيت اخي بن قيس يجعل آخره اوله واوله آخره ويقول : يأتيك من لم تزود بالاخبار فقال له ابو بكر ليس هكذا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي أقول ، وأصل المصراع : ويأتيك بالاخبار من لم تزود ، وفيه اخرج ابن سعد وابن أبي حاتم والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتمثل بهذا البيت : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا ـ فقال ابو بكر اشهد انك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما علمك الشعر وما ينبغي لك.
أقول وأصله : كفى بالشيب والإسلام للمرء ناهيا ـ وما الطفه تقديمه (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام معنويا ، ولفظيا حيث ما علّم الشعر.