سنين الدنيا ... ، أرق من الشعرة واحد من السيف ، وأحر من الجمر عليه كلاليب ، بكل كلوب عدد من زبانية جهنم لو أن واحدا منهم أذن الله أن يتنفس فى الدنيا لأحرقها بإنسها وجنها وجميع ما ذرأ الله فيها ... ، ولأذاب جبالها وجفف بحارها ، والصراط أسود مظلم من شدة سواد جهنم ، فلا يجوزه إلا من كان له نور (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (١) ... ، فاحذروا الأهوال الصعبة يا من ضيعتم العمر فى المعاصى والخلاف ، والجفاء ، لأن الصراط لا يجوزه آثم ولا ينجو منه ظالم ... ، يخبرنا صلىاللهعليهوسلم أن من قال لا إله إلا الله مخلصا رجح ميزانه ونجا من النار ودخل الجنة فقيل يا رسول الله وما إخلاصها فقال" ان تزحزحكم عما حرم الله عليكم" ... ، كذلك فإن الصدقة الطيبة التى لا يراد بها إلا وجه الله ولا يراد بها جزاء من مخلوق ولا محمدة ولا شكر ولا رياء ولا سمعة ، فإن تلك الصدقة ترجح فى ميزان العبد على جميع سيئاته ... ، ولحظة الميزان ينخلع منها فؤاد العبد وهو ينظر أ يثقل ميزانه فيسعد أم يخف فيشقى ويلقى من العذاب أمرا عظيما ... ، إن الذرة والخردلة من أعمال العباد من الخير أو الشر لتوضع فى الكفة فتميل بقدرة الله تعالى وسبحانه أعلم بحقيقة ذلك فلا يحقرن أحدكم حسنة يعملها فربما خف الميزان بها ... ، إن الذنب الصغير فى عين محتقرة يأتى يوم القيامة وهو فى الميزان أعظم من الجبال الرواسى ... ، ولو عمل العبد أعمالا صالحة كالجبال لا يتقبل الله منها إلا ما كان خالصا لوجهه ... ، يقول صلىاللهعليهوسلم لعائشة رضى الله عنها" يا عائشة لو قبل الله تعالى من العبد سجدة واحدة لأدخله بها الجنة ، فقالت يا رسول الله ، فما ذا يصنع بأعمال العبد؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم" يأكلها الرياء والسمعة كما تأكل النار الحطب" ... ، وهناك من يدخلون النار رغم صلاتهم وعبادتهم ، قال صلىاللهعليهوسلم" كانوا يصلون كما تصلون ، ويصومون كما تصومون ، ويزكون كما تزكون ، ويقومون الليل برهة ، ولكن كانوا إذا عرض لهم درهم حرام ... ، وثبوا عليه كالذئاب فأحبط الله أعمالهم بذلك ، ولم يتقبل
__________________
(١) سورة الحديد الآية ١٢.