لقد بحث عن هذه الحقيقة عند الرومان ... ، واليونان ... ، والفرس ... ، وبحث فى كتب القدماء المصريين ، ولم يجد تفسيرا لاكتشافه إلا فى تلك الآية الكريمة ... ، إن فى حركة الإنسان الإرادية واللاإرادية تسبيح للخالق ... ، وفى رحلات الطيور ... ، والفراشات ... ، ونمو النباتات ... ، وكل شىء فى الكون ... ، وكل حركة طوعا أو كرها هى سجود لله تعالى ... ، والإنسان أولى بالسجود من غيره من الكائنات حيث خلقه الله ولم يكن شيئا ورزقه ، وبين له طريق الهدى ، ووفقه إلى الإسلام بعلمه بأسراره وبواطنه ، فاللهم لا تتخلّ عنا وثبتنا على طريق الخير ... ، وهو يرحم وهو القادر على العذاب ... ، ورغم ذلك هو أرحم بنا من الوالدة بولدها ... ، فاللهم ارحمنا من النار ... ، وزمهريرها ... ، وسلاسلها ... ، وخزنتها ... ، ولذلك فلا تظلم فمن حرم صاحب إرث من ميراثه حرمه الله من ميراثه فى الجنة ... ، وتصدق بالطيب ، لأن الصدقة تقع فى يد الله قبل أن تقع فى يد الفقير ... ، وعليك بما استطعت من الخير ... ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ... ، واعلم أن اليقين جعل من الناس من أقسم على الله فأبره كعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه فى إحدى الغزوات حين طلب من ربه أن يعبر بالجيش ولا يغرق منه أحد (١) ... ، ولنا مثل فى قوة إيمان إبراهيم عليهالسلام حيث لم يهرب وهم يعدون له النار لالقائه فيها ... ، وترك أولاده فى صحراء ... ، فلا تشرك بالله وإن قتلت وحرقت ... ، وأعلم أن التشدد يؤدى إلى الهلاك" هلك المتنطعون" ... ، وعليك بحدود نفسك وتذكر الجنة والألم والنار الزمهرير ... ، ولا تفتتن بمن قصر حولك ، وادع بالحكمة والموعظة الحسنة ... ، واحذر الدين فهو هم بالليل والنهار ... ، وأعلم أن كل ما يأمر به الله تعالى خير ... ، وله حكمة ... ، كان صلىاللهعليهوسلم رحيما بالناس ... ، لا يغضب ولا يستفذ إلا إذا انتهكت حرمات الله ... ، وكان متواضعا ... ، لا يرد سائلا ... ، يعدل فى كل شىء ... ، ويأمر بتعهد الجيران وإكثار المرق ... ، وأمر بإنفاق الفضل من المال ... ، والزاد ... ، والظهر (٢) ... ، لمن لا يمتلك ذلك ... ، إن من رزق
__________________
(١) وقد تكرر ذلك مع الصحابى سعد بن أبى وقاص فى معركة القادسية ـ أنظر البداية والنهاية.
(٢) الظهر ـ المراد الركوبة من جمل وفرس أو ما يؤدى معناها.