ولا يدانيه فى الذكاء والمكر إلا بعض الببغاوات ويرجع ذلك إلى أنه يملك أكبر حجم لنصفى المخ بالنسبة إلى حجم الجسم والتى يقدر أنواعها بأكثر من عشرة آلاف نوع ، ويتميز بالمعرفة ، والذكاء والإدراك ، والقدرة على الاتصال ، والتحايل على حل المشكلات ، والصيد الجماعى ، اللعب الجماعى ، البناء الجماعى للأعشاش ، حب الاستطلاع ، الانتباه وطرق إخفاء الطعام ، والتمييز فى التعامل بين القريب والغريب ... ، وللغربان قدرة على صناعة الأدوات الحجرية لاستخدامها فى الحفر والتنقيب عن الحشرات فى شقوق الأرض لافتراسها والتغذى عليها ويستخدمها أيضا فى حفر قبور موتاه (١).
ويرجع تاريخ الطيور على الأرض إلى ١٥٠ مليون سنة مضت ، ولم تخلق الطيور الحديثة إلا منذ ٦٠ مليون سنة أى فى العهد القديم لفجر الحياة الحديثة (الباليوسين) ولم تنتشر انتشارا واسعا إلا فى عهد الآيوسين منذ خمسة وخمسين مليون سنة ، وعلى ذلك فالغراب سابق فى وجوده للإنسان على الأرض بأكثر من ٥٥ مليون سنة على أقل تقدير وبذكائه وملكاته الفطرية التى وهبه الله إياها حق له أن يقف مع ابني آدم موقف المعلم الذى علم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل ... ، يقول تعالى (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) (٢) ... ، فسبحان الخبير الذى علم النبى الأمى منذ ألف وأربعمائة عام حيث لم تكن قد تقدمت العلوم ، والأبحاث فى مجال الحشرات والطيور ، أن الغراب هو أذكى الطيور وبذلك تم اختياره لمهمة تعليم الإنسان الأول كيفية دفن الميت ... ، إن هذه الإشارة على بساطتها تقطع بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية ، بل هو الوحى من الله ... ، علام الغيوب ... ، الذى ألهم الطيور القدرة على الهجرة لمسافات كبيرة والعودة دون أن تضل الطريق ... ، ومعرفة المواسم المناسبة لتربية الصغار ، ومعرفة أماكن فقسها وتربيتها ... ، وتعتمد الطيور على اتجاهات الرياح وغير ذلك من الظروف الجوية ، وعلى موقع الشمس
__________________
(١) أشار بذلك الدكتور ـ زغلول النجار ـ فى إشاراته عن الإعجاز العلمى فى القرآن.
(٢) سورة المائدة الآية ٣١.