فيكون الاختلاف والتصادم والقصور فى الفهم والبعد عن الحقيقة التى فيها نجاته وهى تنفيذ أوامر الله بلا جدال ... ، لذلك فإن فلسفة فصل العلم عن الدين هى فلسفة ساقطة ، فالعلم هو مقدمات البحث والنور الذى يحمله الباحث ، والدين هو نبع الأصل الذى يثبت النتيجة التى يتم البحث عنها لأنه لا يحتوى على حقائق كونية فقط يعرفها الباحث من خلال أبحاثه وتجاربه وتأملاته ويجدها مطابقة تماما لما أشار إليه القرآن الكريم وذلك فى كل مجالات العلوم ، بل إنه يحتوى على الثراء ودعوة الخير والوعد بالنعيم فى جنة الخلد بعد فناء العالم المادى ... ، لذلك لا بدّ من الرجوع إلى القرآن الكريم ، إلى مصدر النور فى كل شىء وتدبر آياته وإعمال العقل بما يوافق أمر خالقنا حتى تكون النجاة يقول تعالى (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) (١).
لذلك فإن القراءة والتلاوة والاستماع فقط لآيات القرآن الكريم لن يكون بهم إخراج الكنوز والحقائق التى يحتويها كتاب الله ولكن لا بدّ من التدبر وإعمال العقل ليجد الإنسان الحقيقة والبرهان فيستقر الإيمان فى القلب ويكون الثبات مهما اشتدت رياح السطحية النابعة من العقول الشاردة التى تتخبط فى عالم المادة والشهوات والمتناقضات والبعيدة عن نبع الحقيقة والنور ....
وإذا نظرنا إلى الإنسان نجد أنه قبل أنه ينطق بكلمة لا بدّ أن يكون لها معنى فى داخله ثم يجعل لها قالبا لغويا يعبر عن معناها فى عقله وهى صياغة القول رغم أنه لم ينطق بها يقول تعالى (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) (٢).
ثم بعد ذلك يكون اللفظ الذى يخرج إلى العالم المادى بتلك الكلمة التى تكونت بمعناها فى أعماق الإنسان ثم صيغت قولا فى عقله يعبر عنه بأى لغة عربية أو غيرها
__________________
(١) سورة الملك الآية ١٠
(٢) سورة المجادلة الآية ٨.