طبقة رقيقة ٢٠٠ كم فقط يساعد على ظهورها طبقة الغلاف الجوى حين تشتت أشعة الشمس إلى نهار ... ، فالنهار ما هو إلا طبقة شقت فى جسم الليل أو حفرت فى جسم الليل الكبير المساحة ١٥٠ مليون كم حتى الوصول إلى الشمس وأما الآية الثالثة فالسائل حين يسأل يكون عنده أمل ورجاء بمساحة شاسعة فى نفسه بالنسبة لمن يسأله وحين تنهره فإنك تشق هذا الأمل وتخرقه فيحل محله انقطاع الأمل ... ، ففي الآية الأولى حين كان الشق فى الأرض كان جريان الأنهار ... ، وفى الآية الثانية حين كان الشق فى الليل سرى النهار ... ، وفى الآية الثالثة حين كان الشق فى النفس جرى انقطاع الأمل ... ، وهناك ألوانا أخرى من ألوان الإعجاز فى القرآن الكريم فمثلا يقول تعالى فى سورة الكهف (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ) (١).
ويقول تعالى (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) (٢) نلاحظ هنا وصف المكان الواحد بالقرية مرة وبالمدينة مرة أخرى ، والعمق اللغوى لكلمة قرية هو اللفظ (ق ر ى) وهى صفة للخصائص البشرية التى تختلف من مكان إلى آخر كالشح أو الظلم أو إكرام الضيف أو غيره ... ، وأما كلمة مدينة فعمقها اللغوى (م د ن) وهو إشارة للحضارة والمدينة التى تخص المكان وهى دائما ظاهرة ليست خفية لذلك فكلمة المدينة تأتى دائما فى القرآن الكريم معرفة بعكس القرية والتى يختلف فيها عمقها اللغوى باختلاف صفات البشر من صفات ظاهرة وصفات خفية فى النفس لذلك فهى تأتى نكرة ومعرفة ، والملاحظ هنا أن الجدار وبناءه يعكس صورة البناء التى هى أساس الحضارة والمدينة فجاء لفظ المدينة مقترنا بالجدار والبناء ....
وإذا نظرنا إلى بعض الأمثلة الأخرى فى قوله تعالى (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٣) ... ، وقوله تعالى (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) (٤) ... ،
__________________
(١) سورة الكهف الآية ٧٧.
(٢) سورة الكهف الآية ٨٢.
(٣) سورة البقرة الآية ٥١.
(٤) سورة الذاريات الآية ٢٦.