وقوله تعالى عن السامرى (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) (١).
ولقد لاحظ علماء اللغة (٢) أن كل النصوص القرآنية التى ترد فيها كلمة العجل ترتبط بحدثين فقط الحدث الأول هو العجل الذى جاء به إبراهيم عليهالسلام كطعام لضيوفه ، والحدث الثانى هو العجل الذى أتخذه بنو إسرائيل إلها وهو العجل الذى أخرجه السامرى لهم ، وفى ذلك نجد أن المعنى فى الحدثين يشير إلى العجلة والسرعة فى الأمر ، فإبراهيم عليهالسلام جاء بالعجل لضيوفه من الملائكة بسرعة ، والسامرى استعجل أمر ربه ورجوع موسى عليهالسلام وصاغ لهم هذا العجل وبذلك نجد أن لفظ العجل له عمق لغوى بعيد ويرتبط بأحداث قديمة وأحداث يعلمها الله تعالى أزلا وبذلك كانت مسميات الأشياء التى علمها سبحانه وتعالى لأبينا آدم عليهالسلام ترتبط بأحداث يعلمها الله أزلا ... ، ومن ذلك ندرك أن اللغة العربية التى كان ينطقها العرب فى الجزيرة العربية لم ينزل القرآن بها لأنها لغتهم ، ولكنها لغة أزلية محفوظة بأحداثها ومسمياتها منذ الأزل ، وهى اللغة التى أنزلها الله تعالى ليتعلمها البشر ، فعلّمها أبونا آدم لأبنائه وعلمها غيرهم لأحفاده ، وهكذا حتى وصلت إلى مجموعة من الناس كانت هى لغتهم فأطلق عليهم اسم العرب نسبة إلى اللغة التى تكلموا بها ونالت اهتمامهم ، لذلك فكلمة العجل التى يطلقها الناس على هذا الحيوان العادى من الأنعام التى خلقها الله تعالى ... ، إذا سأل كل منهم نفسه لما ذا سمّى هذا الحيوان بالعجل ومن الذى سماه بذلك ... ، وسوف تكون الإجابة أنه لم يسمه بشر بهذا الاسم ، ولكنه اسم أطلقه الله عليه أزلا ارتباطا بأحداث يعلمها الله فى الأزل فهو يعبر عن عجلة إبراهيم عليهالسلام حين جاء به تحية لضيوفه من الملائكة ، وحين عجل السامرى فجعله معبودا من دون الله قبل رجوع موسى عليهالسلام ... ، إنها لغة الله التى تحدى بها العرب بأن يأتوا بسورة من مثله
__________________
(١) سورة طه الآية ٨٨
(٢) الحق المطلق.