وحتى حين يجتمع الأنس والجن فلن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ... ، لذلك فهناك أسرارا كثيرة لا يعلمها العرب عن معانى القرآن الكريم الذى تحداهم الله به وكذلك لا نعلمها نحن الآن فى عصورنا الحديثة ، ولكن هناك تفسيرات يسمح لنا الله تعالى بها وبمعرفتها كلما تقدم العلم كما أشرنا سابقا عن معرفة العمق اللغوى لكلمة النهار والتى ترتبط بلفظ النهر وينهر ... ، وحين كان الصعود بسفن الفضاء كان اكتشاف الظلام الكونى الذى يشق النهار عن طريق الغلاف الجوى كما يشق النهر ... ، إن الله تعالى لم يخبرنا بكل أسرار اللغة العربية لأنه كلما تقدمت العصور سيعرف الناس الكثير مما لم يعرفه من كانوا قبلهم لتظل عطاءات القرآن مستمرة على مر الزمن ... ، ومن ذلك نجد أننا أدركنا سر تسمية الغراب بهذا الاسم حيث أنه يرتبط بالغرابيب السود ، وهى الحجارة السوداء فى الجبال كما أشار القرآن الكريم ، والغراب يشبه فى سواده تلك الأحجار والله تعالى لم يطلعنا على كل الأسرار حتى يظل التحدى مستمرا إلى يوم القيامة فنحن لم نزل نجهل الحكمة من تسمية الهدهد والنملة وغيرها فهى أسرار الله الأزلية التى لا يعلمها إلا هو فهى أسماء فقط بعكس الكلمات الأخرى التى تأتى اسما مقرونا بصفة أو موقف يعلمه الله فى الأزل فيقترن الإسم به كما ارتبط اسم العجل بعجلة إبراهيم عليهالسلام حين جاء به لضيوفه ... ، فهى أسماء ذات وليست أسماء صفات ، فتحدى العرب ليس لأنها لغتهم ولكن لأنها لغة الله التى علمها لهم ولكن أخفى عنهم كثيرا من أسرارها ، وسر مسمياتها ، ومشتقاتها ومنبعها الأزلى ، لذلك فاللغة العربية شملت على الإعجاز اللغوى والإعجاز العلمى والإعجاز الحسابى والإعجاز الرياضى وغيره ، وكل ذلك يكمن فى تلك اللغة ، التى كلما حاول العلماء فى جميع المجالات الغوص فى شفراتها بالتفكر كما دعاهم الله تعالى توصلوا إلى المزيد من الأسرار لذلك يقول سبحانه (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ... ، ومن خلال هذا الإطار علينا بتأمل قوله تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) (١).
__________________
(١) سورة القصص الآية ٢٣.