وقوله تعالى (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (١) وإذا تأملنا العمق اللغوى للفظ (ورد) نجد أن معناه الوصول والنفاذ والورود إلى شىء ما لهدف معين ، وينطبق ذلك على السماء لأن هذه السماء المحكمة البناء والتى ترتبط أجرامها بإحكام والتى يصعب النفاذ إليها يقول تعالى عنها (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) (٢) سوف تكون أبوابا ومنافذ وسبلا يسهل النفاذ منها ، يقول تعالى (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (٣) وبذلك ينطبق عليها لفظ الوردة التى عمقها اللغوى هو اللفظ (ورد) ، ويتجلى الإعجاز هنا حين تمكن علماؤنا فى هذا العصر من تصوير الجرم فى السماء وهو ينفجر فيعطى شكلا يشبه الوردة الحمراء الطبيعية تماما حيث تمتد السنة اللهب الحمراء وتناسب فى لحظة الانفجار كأنها تماما وردة حمراء تتفتح ، ولذلك فاللفظ التشبيهى كالدهان يعنى أنها كالأديم الأحمر وهى بالفعل نفس الصورة والمشهد الذى صوره العلماء (٤) ، وهذا يعطينا لمحة عن سر تسمية الوردة وعلاقتها بالسماء ، فلقد كان للفظ وردة سابق علم أزلى لم نعرفه نحن إلا فى هذا العصر ، ولم يكن يعرفه العرب من قبل ، حيث لم يكن فى عصرهم مركبات فضائية أو تلسكوبات فلكية تلتقط مثل هذه الصور المطابقة تماما للتصوير القرآنى ... ، فكان اشتقاق اسم الوردة فى اللغة العربية لارتباطه بحقيقة كونية أزلية لم يكن يعرفها أو يدرى بها العرب من قبل مما يثبت أن القرآن الكريم هو وحى الله وهو الحق المطلق فى كل زمان ... ، وتتجلى عظمة البيان القرآنى فى اقتران التدرج الحسابى بمعانى الكلمات الواردة فكلمة المطففين ترد مرة واحدة فى القرآن الكريم وكلمة القاسطين ترد مرتين وهى بنفس معنى المطففين ... ، حيث إن القاسطين يزنون الأمور كالمطففين بحيث تكون كفتهم دائما هى الراجحة على حساب غيرهم فيكون مجموع ورود الكلمتين هو ٣ مرات
__________________
(١) سورة الرحمن الآية ٣٧.
(٢) سورة الرحمن الآية ٣٣.
(٣) سورة النبأ الآية ١٩.
(٤) المرجع السابق