والإعجاز هنا ورود كلمة المقسطين ٣ مرات ، وهى بمعنى العادلون اللذين ربما يرجحون كفة غيرهم على حساب كفتهم خوفا من ربهم لذلك يبدو الإعجاز فى هذا التناظر حيث إن مجموع الكلمتين المتساويتين فى المعنى يناظر تماما الكلمة التى تعطى عكس هذا المعنى ... ، وهناك الكثير من مثل هذه الأمثلة والتى تعبر عن الإعجاز الحسابى الكامن فى قلب الإعجاز اللغوى لألفاظ القرآن الكريم ... ، من ذلك نجد أن الكلمة القرآنية كقطعة الماس التى تعطى ألوانا من المعانى وألوانا من الإعجازات وهى تأتى اسما وتأتى وصفا وتأتى اسما ووصفا فى الوقت نفسه ... ، والأمثلة على ذلك كثيرة وقد أشرنا إلى بعض منها ، وهناك أمثلة أخرى توضح أن كلمة الذات لا تحمل سوى معنى واحد خاص بها فمثلا كلمة التوراة لا تعنى سوى الكتاب الذى أنزل على موسى عليهالسلام ... ، وكذلك كلمة الإنجيل فهى خاصة بالكتاب الذى أنزل على عيسى عليهالسلام ... ، وكذلك القرآن هى تعنى هذا الكتاب الذى أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ولكن هناك أسماء صفات مثل كلمات ، الكتاب ... ، والفرقان ... ، والنور فهى أسماء صفات لهذه الكتب السماوية يقول تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) (١).
وهناك أمثلة أخرى مثل كلمة الملائكة والتى عمقها اللغوى هو اللفظ (م ل ك) والذى يشير إلى المخلوقات النورانية التى لا تعصى الله أبدا ، وأما كلمة الشياطين فهى تمتد إلى العمق اللغوى للفظ (ش ط ن) الذى يعنى التمرد والعصيان ، وتبدو المعجزة الحسابية مقترنة بالتناظر اللفظى حيث إن كلمة الملائكة ومشتقاتها ترد فى القرآن الكريم ٨٨ مرة كذلك كلمة الشياطين ومشتقاتها ترد ٨٨ مرة وأما كلمة الملائكة فقط فترد ٦٨ مرة وكذلك كلمة الشياطين فقط ترد ٦٨ مرة مما يثبت أنه تناظر لا يخضع للمصادفة ولكنه علم الله الخبير الذى أبدع كل شىء وجعل أسراره بريقا يومض فى كتابه على مر الزمن ....
إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى وهو يناسب علمه المحيط بكل شىء ، لذلك فلا يمكن أن يكون هناك حرفا زائدا فى القرآن الكريم لا يؤدى إلى معنى ، ولكن هناك
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٤٤.