الترابط اللغوى فى كل معانى القرآن الكريم بناء وحرفا ولفظا وحسابا وهناك التناظر التام بين الكلمات فى عدد الحروف فمثلا قوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (١) وعدد حروفها هو ٢٠ حرفا وإذا نظرنا إلى ما يناظرها فى سورة أخرى نجد قوله تعالى (ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (٢) وعدد حروفها أيضا ٢٠ حرفا.
وهناك تناظر آخر بين الصورة القرآنية" ألا تسجد" ، " إذ أمرتك" كل منهما يتكون من ٧ حروف ، كذلك" قال ما منعك" ، " قال أنا خير" نلاحظ أن كل منها ٩ حروف وبذلك ندرك أنه لا توجد حروف تزيد فى القرآن الكريم أو كلمات ، فمثلا إذا نظرنا إلى قوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) وقوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٣). نلاحظ أن كل منها يتكون من ٢٣ حرف فرغم اختلاف الظاهر باللفظ (ألا) فى الآية الأولى نجد أن هناك توافقا فى المعنى حيث يفيد اللفظ الاستفهام عن قوة خارجية أقوى منه منعته من السجود ، وبذلك نجد أن اللفظ (ألا) جاء لنفى أن إبليس امتنع عن السجود نتيجة أى قوة خارجية عن ذاته ... ، ومن الأسرار أيضا فى القرآن الكريم أن كلمة النور تأتى دائما بصيغة المفرد ولكن كلمة الظلمات تأتى دائما بصيغة الجمع وذلك يدل على تعدد طرقات الظلمة ، حيث أن طرق البعد عن منهج الله تعالى هى طرق كثيرة ومتعددة ولكن طريق الحق والنور هو طريق واحد يقول تعالى (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) (٤).
وكذلك نلاحظ أهمية الحرف فى القرآن الكريم وعمقه فمثلا إذا نظرنا إلى قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) (٥).
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ١٢.
(٢) سورة الحجر الآية ٣٢.
(٣) سورة ص الآية ٧٥.
(٤) سورة فاطر الآية ٢٠.
(٥) سورة البقرة الآية ٥٨.