لهذه الأمة الأمية البدوية أن تفتح البلاد شرقا وغربا وتقود العالم المتحضر ، وينتشر الإسلام فى كل مكان حيث قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (١) إن الأمر كله لله ... ، والكون كله ملك لله.
وكيان الإنسان ومشاعره من صنع الله ... ، الإنسان لا يملك شيئا ، يكفى أنه لا يملك روحه ... ، يمكن أن يقبضها ربه فى لحظة ... ، يمكن أن يجمع قطعا من الطرقات فى لحظة ، وقد رأينا ذلك فى حوادث السيارات والقطارات ... ، فما اضعف الإنسان ، وما أشد عداوة الشيطان ... ، إن الرازق هو الله ، والناصر هو الله ... ، والشافى هو الله ، يقول تعالى ـ على لسان إبراهيم عليهالسلام (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) فإياك أن تظن أن الطبيب يشفى أو أن الدواء يشفى دون ذكرك اسم الله أو يقينك فى الله وأنت تأخذه ... ، فكن على يقين بربك وادع إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ... ، والبصيرة السليمة ... ، حين جف النيل وكان المصريون قد تعودوا على إغراق فتاة جميلة فيه ليجرى ويفيض ، فأرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى عمرو ابن العاص بطاقة أمره أن يضعها فى مياه النيل مكتوب فيها من عبد الله عمر إلى نيل مصر ، إن كنت تجر من عندك فلا حاجة لنا بك ، وإن كنت تجر بأمر الله فسر بأمر الله ، فارتفع الماء ستة عشر ذراعا (٢) ، وتوقف المصريون عن تلك العادة وعن هذا الشرك .. ، إن أرض الإسلام كانت خصبة فى عهد الصحابة والخلفاء الراشدين حيث كان العلم يؤخذ بالتلقى من الصدور إلى الصدور ويطبق فى حياتهم ومعاملاتهم ... ، كان الاتباع هو السائد ، صلاتهم مثل صلاة النبى صلىاللهعليهوسلم ، وجهادهم مثل جهاد النبى صلىاللهعليهوسلم ، سلوكهم فى المنزل والسوق مثل سلوكه صلىاللهعليهوسلم ، لقد تعلموا الإيمان ومارسوا سلوكه أولا ... ، لم يكن العلم مسطورا فى كتب مهجورة كما هو الحال فى عصرنا ... ، ولكن كان العلم محفوظا فى الصدور من خلال مشاهدة السلوك التطبيقى الذى التزم به الصغير والكبير ، ولو ضربنا مثلا بالسائق الذى مارس القيادة وأتقنها ، لا يجد ثقلا فى الفهم إذا ما قرأ
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ١٩.
(٢) مائتان وثمانون قصة ـ من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين ـ وتوارد الموقف فى أكثر من مصدر يؤكد صحته.