نجى موسى عليهالسلام حين ألقى فى اليم ووعد برده وتحقق وعده سبحانه ليكون عدوا لفرعون وحزنا ... ، ولقد رزق زكريا عليهالسلام غلاما على الكبر وكانت امرأته عاقرا وسماه بيحيى ومات شهيدا ليكون اسما على مسمى ويحيا عند ربه كعادة الشهداء ، وهم الأحياء عند ربهم يرزقون ... ، سبحانه وتعالى مع أمره لا تكون الأسباب فهو خالق الأسباب والمسببات ، وهو الذى لم يجعل الرزق واستنشاق الهواء مقابل الطاعة ، بل هناك من يعصونه ويرزقهم لأنه الحليم الكريم ، ولو كان ذلك ما عصاه أحدا قط ، ولكنه الاختيار الذى لا يفطن إليه الكثيرون ممن غرهم الشيطان ليظلوا فى طريق الغفلة لا يشعرون بنعم الله عليهم ولا يشكرون ... ، والله يزيد من شكره بكل خير ويثبته فى الدنيا والآخرة فلا يفارق حب الله قلبه ، فهذا عبد الله بن حذافة السهمى الذى أسرته جيوش الروم مع عشرة من أصحابه وطلبوا منه أن يرتد عن دينه فرفض ، فعلقوه ورشقوا جسده بالسهام دون قتله بأمر ملكهم ، لكن ذلك لم يثنه عن أمره أو يضعف من عقيدته ، فجاءوا بإناء الزيت المغلي وألقوا أمامه اثنين من الأسرى ، وطلبوا منه أن يرتد فلم يتزعزع ، فقال الملك : ألقوه فيها ، وحين اقترب عبد الله رضى الله عنه من الزيت المغلي بكى ، فنادى عليه الملك ظنا منه أنه سيرتد ، وسأله ما ذا يبكيك؟ فقال : والله ما بكيت خوفا وجزعا من الموت ولكن لأن لى نفسا واحدة ستخرج فى سبيل الله ، وتمنيت لو أن لى بعدد شعر رأسى أنفسا تخرج فى سبيل الله (١) ... ، وهذا عبد الله بن جحش قبل بدء غزوة أحد يطلب من الله تعالى أن يقتل رجلين من أقوياء المشركين فيقول : اللهم إنى أسألك أن ترزقنى رجل شديد القوة فأقاتله ويقاتلنى فأقتله ، ثم ارزقني رجلا شديد القوة فأقاتله ويقاتلنى فأقتله ، ثم ارزقني رجلا شديد القوة. فيقتلنى ويبقر بطنى ويقطع أذنى ويجذع أنفى فآتيك هكذا ، فتقول : فيما ذلك؟ فأقول من أجلك يا رب ، فتقول لى صدقت (٢) ... ، يقول سعد بن معاذ وكان بجانبه حين دعى بذلك ، لقد رأيته مات
__________________
(١) أنظر البداية والنهاية ـ عن مواقف الصحابة.
(٢) ذكر هذا الموقف الأستاذ / عمرو خالد ـ فى أحد الأشرطة عن وسائل الثبات ، والقصة فى كتاب صور من حياة الصحابة.