شهيدا بقرت بطنه وقطعت أذنه وجذعت أنفه وبجواره اثنان من قتلى المشركين ، فقلت : صدق الله فصدقه الله ... ، والله سبحانه وتعالى يصدق مع محبيه ولا يضيع جهدهم ، فهذا هو بلال بن رباح الذى لاقى الكثير فى سبيل الله وكان عقبة بن أبى معيط يشجع أمية على تعذيب بلال وحين يشتريه أبو بكر الصديق يعتقه لوجه الله ، ويشارك فى غزوة أحد ويتخلف أمية بن خلف خشية أن يقتل حيث إن النبى صلىاللهعليهوسلم قد حدد مصارع القوم قبل بدء المعركة ، ولكن عقبة بن أبى معيط الذى كان يشجع أميّة بن خلف على تعذيب بلال ، يشجعه هذه المرة على أن يخرج للقتال ويسخر منه قائلا : إنما أنت من النساء ، فلم يجد أميّة بن خلف بدا من الخروج إلى القتال فيقتل بسيف بلال (١) ... ، وحين ينزل الوحى بقوله تعالى (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) ردا على قول النبى صلىاللهعليهوسلم حين رأى التمثيل بجثة عمه حمزة" لئن أظهرنى الله على قريش فى موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم" فيصبر النبى صلىاللهعليهوسلم ويكون فى ذلك الخير حيث يسلم وحشى ويقتل مسيلمة رأس الفتنة فى معركة اليمامة ... ، يقول وحشى فى ذلك" فإن كنت قد قتلت بحربتى هذه خير الناس وهو حمزة .. فإنى لأرجو أن يغفر الله لى إذ قتلت بها شر الناس مسيلمة" (٢).
وتلك هى بائعة اللبن التى تنهى أمها عن خلطه بالماء خشية من الله ويسمعها الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيزوجها لأحد أبنائه فتكون ثمرة هذا الزواج ابنة صالحة تسمى ليلى ، تتزوج وتكون ثمرة زواجها الخليفة عمر بن عبد العزيز الذى ملأ الأرض عدلا (٣) ... ، وهذا هو الإمام النعمان يسير يوما فيمر بتفاحة فى طريقه فيأكلها وحين يمر بحديقة يدرك أن تلك التفاحة كانت منها ، فيسأل عن صاحب الحديقة ليسامحه فى تناولها ، فيأبى صاحبها أن يسامحه إلا بشرط زواجه من ابنته العمياء البكماء العرجاء وهو يختبره بذلك دون أن يكون بها تلك الصفات ، فيتزوجها وتكون ثمرة هذا الزواج الإمام أبا حنيفة النعمان الذى صلى
__________________
(١) أنظر السيرة ـ لابن هشام ....
(٢) رجال حول الرسول الجزء الثانى ص ٢٨.
(٣) معجزة الإسلام ـ عمر بن عبد العزيز ـ خالد محمد خالد.