لها بما تريد ، وكان يحيك ثوبه ، ويخصف نعله ، ويخدم نفسه بنفسه ، ويعاون زوجاته ، وتصف السيدة عائشة حالته صلىاللهعليهوسلم عند حضور الصلاة وسماع الآذان بأنه كان يسرع إليها كأنه لا يعرفهم ولا يعرفونه ... ، وعلم الصحابة وأمرهم بعدم سؤال الغير ، فمنهم من بايعه على السمع والطاعة وأن لا يسأل الناس شيئا ، فكان السوط يقع من أحدهم فينيخ ناقته ويأخذه بنفسه ... ، وكان خلقه القرآن فما شكا منه أحد وما ضرب أحدا قط ، وما سب أحدا قط ، وما لعن شيئا قط ، وما سمح لأحد أن يغتاب أحدا عنده ... ، وكان كثير الصيام والقيام ، فلقد قام الليل حتى تورمت قدماه محبة فى الله وشكرا له ، وكان يصوم حتى يظن من حوله أنه لا يفطر ويفطر حتى يظن من حوله أنه لا يصوم ، وقال عن فضل الصوم" ما من عبد يصوم يوما فى سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا" (١).
وكان رفيقا بالأمة ورفيقا بكل من يعامله ، فرغم ما لاقاه من المشركين لم يدع ربه بالانتقام منهم ولكن قال : اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون ، عسى أن يخرج من بين أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا ... ، وبالفعل خرج عكرمة بن أبى جهل وخالد بن الوليد وكان الوليد بن المغيرة من أشد أعداء الإسلام وكان خالد من أشد أعداء الكافرين ... ، وخرج عمرو بن العاص بفتوحاته الإسلامية وعمر بن الخطاب وغيرهم كثير ... ، ولقد أحس بذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه فبكى كثيرا لفراق النبى صلىاللهعليهوسلم وردد قائلا ، بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، لقد دعا نوح على قومه فقال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ولو دعوت علينا بمثلها لهلكنا جميعا ، ولكن أبيت إلا أن تقول خيرا فقلت اللهم أغفر لقومى فإنهم لا يعلمون ... ، ومن رفقه صلىاللهعليهوسلم أنه كان يمسح على شعر اليتيم ، ويبدأ الأطفال بالسلام ليعلمهم إفشاء السلام وأمر بالرفق بالحيوان والإحسان إليه عند الذبح بحد الشفرة وإراحة الذبيحة وإطعامها قبل ذبحها وعدم ذبحها أمام أختها ... ، وكان يخاف من الله فيطيل السجود ويفزع من خشية الله ، ويبكى عند القراءة حين يسمع آيات العذاب ، ويقول" لو علمتم ما اعلم
__________________
(١) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى.