لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ولصعدتم للصعدات تجارون" ... ، وكان يستعيذ كثيرا من سكرات الموت ومن عذاب النار ويسأل الله الجنة ... ، وكان مجاهدا حتى توفاه الله ، وكان يقول مرابطون إلى يوم القيامة ... ، وكان شجاعا فى كل المواقف والمعارك وجاهد بالنفس والمال وبالكلمة فى كل أحواله ، ووقف يوم حنين جاهرا بصوته" أنا النبى لا كذب أنا بن عبد المطلب" حتى ثبت المسلمون وعادوا إلى مواقعهم ... ، ويصفه على بن أبى طالب فى المعارك قائلا : كنا إذا حمى الوطيس واحمرت الحدق واشتد البأس ، احتمينا برسول الله صلىاللهعليهوسلم فما نرى أحدا أقرب للعدو منه (١) ... ، وكان يحب الله تعالى فيناجيه ويدعوه كثيرا ، ويرى قرة عينه فى الصلاة فيخشع فيها ويتم ركوعها وسجودها ويطيل السجود لقربه فيه من ربه وكان يداوم على قيام الليل حيث ينادى الله تعالى على عبادة فى الثلث الأخر من الليل مجيبا لما يطلبون ... ، ولقد لقب موسى عليهالسلام بالكليم ، ولقب إبراهيم عليهالسلام بالخليل وأخذ صلىاللهعليهوسلم لقب الحبيب ... ، وكان صلىاللهعليهوسلم يفى بالعهد حتى لو كان العهد مع المشركين ، ويكفى أنه بعد سفره مع الصحابة لأداء العمرة تحلل وذبح الهدى حين تعاهد مع المشركين بالرجوع فى هذا العام وبعدها بشره الله تعالى بفتح مكه ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ... ، وكان صلىاللهعليهوسلم داعيا إلى الله تعالى يدعو لكل خير وينهى عن كل شر ويطبق ما يقول على نفسه ، حيث أن الداعى لا بد أن يكون قدوة لغيره ، وأمر أمته بما أمر الله تعالى وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ورغب فى الدعوة إلى الله ... ، " ولئن يهدى الله بك رجلا واحدا خير" لك من الدنيا وما فيها".
وكان صلىاللهعليهوسلم قويا مؤيدا من ربه ، فلقد صارع ركانة وغيره من الأقوياء فصرعهم ، وكان ركانة حين يقف على جلد الذبيحة ويشد به العشرة من الرجال فيتمزق الجلد ولا يتحرك ركانة من مكانه (٢) ... ، ورغم ذلك بين لأمته أنه ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب" (٣) ... ، كما بين أن أكيس الناس وأذكاهم
__________________
(١) مجلة منار الإسلام ـ عدد خاص فى ذكرى مولده صلىاللهعليهوسلم.
(٢) أنظر دلائل النبوة للبيهقى.
(٣) من حديث أبى هريرة ـ قال صلىاللهعليهوسلم" ليس الشديد بالصرعة ـ إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب" رواه البخارى ومسلم