ولكن الّذين (يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) لم تُطاوعهم نفوسهم لقبول فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ، وهذه أوّلها بما فيها من دلالات عميقة ، فحاولوا تشويهها بشتّى الأساليب ، تمريراً لسياسة معاوية في التصدّي لفضائل الإمام عليّ عليه السلام ، تلك السياسة التي دبّرها وعمّمها في مرسوم السلطاني يقول فيه : برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته (١).
ثمّ كتب إلى عمّاله في جميع الآفاق :
إذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب ، إلّا وتأتوني بمناقص له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبُّ إليّ وأقرُّ لعيني ، وأدحضُ لحجّة أبي تراب وشيعته (٢).
قال الراوي : فَرُويَت أخبارٌ كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها! فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوع ، وبهتان منتشر (٣)!
وبهذه الجرأة والصلافة ملأوا كتبهم بالأكاذيب الكثيرة ، والفضائل المجعولة ، والأحاديث الموضوعة.
وحيث لم يطالوا إنكار فضيلة المولد الشريف للإمام علي عليه السلام لوضوحه واشتهاره ، بل تواتره والاتّفاق عليه ، عمدوا إلى وضع أُسلوب آخر لإخفاء أثرها ، وهو ادّعاء مثل ذلك لشخص آخر تهو الصحابي حكيم بن حزام ، وروّجوا لهذه المزعومة حسب الإمكانات التي هيّأتها لهم السلطة وأعوانها.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ٤٤ : ١١ عن كتاب «الأحداث» لأبي الحسن علي بن محمد المدائني.
(٢) المصدر السابق ٤٦ : ١١.
(٣) المصدر السابق.