حدّثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمّر ، قال : سألتُ الزهري : مَن كان كاتب الكتاب يوم الحديبيّة؟
فضحك وقال : هو عليٌّ ، ولو سألت هؤلاء ـ يعني بني اُمية ـ قالوا : عثمان (١).
واستعراض باقي الأمثلة يخرجنا عن موضوع البحث الرئيسي ، وإنّما أردنا التدليل على منهج أُولئك في سلب الخصوصية ، وجرأتهم على وضع الأحاديث الواهية قبال الأحاديث السليمة.
هذا رغم ميل بعض العلماء إلى أنّ ولادة حكيم بن حزام في الكعبة ليست فضيلة ولا مكرمة ، وإنّما كانت اتّفاقاً ولم تكن قصداً ، كما ارتأى ذلك الصفوري وغيره (٢).
وأغرق بعضهم نزعاً في الضلال ، ورمى القول على عواهنه ، متحدّياً ما أثبته مهرة الفنّ وأئمّة النقل ، وأخبت كبار العلماء والمؤرّخين بصحّته ، ولم يكترث بأسانيده المتضافرة ، وطرقه المتّصلة المعتمدة عند كلّ مؤالف ومخالف ، فقال : «إنّ حكيم بن حزام وُلِدَ في جوف الكعبة ، ولا يُعرَف ذلك لغيره ، وأمّا ما روي أنّ عليّاً وُلِدَ فيها فضعيفٌ عند العلماء» (٣).
وقد أجاد الحجّة الأُردوبادي في الردّ عليه ، وتفنيد مزاعمه ، فراجع أواخر باب «حديث الولادة والمؤرّخون».
ولكن نجد رغم ذلك أنّ محاولتهم فيما يخّص فضيلة المولد الشريف في الكعبة العظّمة باءت بالفشل (٤).
__________________
(١) فضائل الصحابة ٥٩١ : ٢ ، الحديث ١٠٠٢ ، طبعة مكة.
(٢) نزهة المجالس ٢٠٤ : ٢.
(٣) انظر إنسان العيون ٢٢٧ : ١.
(٤) قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في الإصابة ٢٩٦ : ٤ حول فضائل علي عليه السلام ومناقبه : «كلّما أرادوا ـ يعني بني اُمية ـ إخمادها وهدّدوا مَن حَدَّثَ بمناقبه لا تزداد إلّا انتشاراً».