ثمّ قال له المبرم : بشّرني يا أبا طالب! فقد كان قلبي متعلّقاً حتّى منّ الله تعالى (عليّ بك و) بقدومك.
فقال له أبو طالب : أبشر! فإنّ علياً قد طلع إلى الأرض.
قال : فما كان علامة الليلة التي ولد فيها؟ حدّثني بأتمّ ما رأيت في تلك الليلة.
قال أبو طالب : نعم ، أخبرك بما شاهدته.
لمّا مرّ من الليل الثلث أخذ فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ما يأخذ النساء عند ولادتها ، فقرأت عليها الأسماء التي فيها النجاة ، فسكن بإذن الله تعالى ، فقلت لها : أنا آتيك بنسوة من أحبّائكِ ليعينوكِ أمركِ؟
قالت : الرأي لك.
فاجتمعت النسوة عندها ، فإذا أنا بهاتف يهتف من وراء البيت : أمسك عنهنّ يا أبا طالب! فإنّ وليّ الله لا تمسّه إلّا يد مطهّرة.
فلم يتمّ الهاتف (كلامه) فإذا قد أتى محمّد بن عبد الله ابن أخي ، فطرد تلك النسوة وأخرجهنّ من البيت.
وإذا أنا بأربع نسوة فدخلن عليها وعليهنّ ثياب حرير بيض ، وإذا روائحهنّ أطيب من المسك الأذفر ، فقلن لها : السلام عليك يا وليّة الله!
فاجابتهنّ بذلك.
فجلسنَ بين يديها ، ومعهنَّ جُونة من فضة ، فما كان إلّا قليلاً حتى ولد أمير المؤمنين عليه السّلام.
فلمّا أن ولد أتيتهنّ ، فإذا أنا به قد أطلع عليه السّلام فسجدَ على الأرض ، وهو يقول : «أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، تختم به النبوّة ، وتختم بي الوصيّة».
فأخذته إحداهنّ من الأرض ووضعته في حجرها ، فلمّا حملته نظر إلى وجهها ونادى بلسان طلق ويقول : السلام يا اُمّاه!