بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
بينما كان العالم يفرق في ظلام الجاهلية الجهلاء التي غطّت كلّ أفنائه بالوثنية والشرك ، بدأ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يرى آثار فضل ربّه وإكرامه ، ويسمع الهتاف من السماء قبل أن يظهر له أمين الوحي جبرئيل ، فكان لا يمرّ بحجرٍ ولا شجرٍ إلّا سلّم عليه ، وكُشف له عن بصره ، فشاهد أنواراً قدسية واشخاصاً نوارنيين ، وبانت عليه علامات وصفات ، وظهرت فيه آيات بيّنات استدلّ بها بُحيرا الراهب على نبوّته ، وهو في طريقه إلى الشام ، يصحب عمّه شيخ البطحاء أبا طالب عليه السّلام في قافلته.
وما أن رأى النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله تباشير الخير والرحمة ، وانقطع إلى عبادة ربّه وهو في ربيعه الثلاثين ، شاءت الإرادة الربانيّة أن يُولد وصيّ النبيّ وصاحب سرّه وابن عمّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في الكعبة المعظّمة.
وعامُ مولدهِ العامُ الذي بَدَأتْ |
|
بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها |
فيه الحجارةُ والأشجارُ قد هتفتْ |
|
للمصطفى وهو رائيها وصاغيها |
وإذ دَرَى المصطفىٰ فيهِ ولادة مو |
|
لانا العليّ غدا بالبشر يُطريها |
باتَ مستبشراً بالطفل قال بهِ |
|
لنا من النعم الزهراء ضافيها (١) |
وكانت تلك الولادة المباركة من خصائص أمير المؤمنين ، التي لم يحز فضلها أحد قبلَه ولا بعدَه ، على مدى التاريخ البشري ، لأنّها نالت شرف الاصطفاء في خصوصية الزمان ، وتفرّدها في شرف المكان.
__________________
(١) الأبيات من القصيدة العلويّة للشاعر عبد المسيح لأنطاكي ، راجع عليٌّ وليد الكعبة (للأُردوباديّ) : ٨٠.