حينما بلغ الوليد العاشرة كان الوحي قد أمر الرسول صلى الله عليه وآله بالدعوة ، فكان عليّ عليه السلام ربيب الوحي وغرسة النبوّة ، يرى نور الوحي والرسالة ، ويشمّ ريح النبوة ، ويسبق الناس إلى الإيمان مع ابن عمّه المبعوث رحمة إلى العالمين.
قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة : «وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ ، فَأَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ غَيْرِي ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَهِ صلى الله عليه وآله وَخَدِيجَةَ ، وَأَنَا ثَالِثُهُمَا ، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وآله فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَهِ ، مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ : هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ ، وَتَرَى مّا أَرَى ، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ، وَلَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ ...» (١).
وقال عليه السلام : «أنا عبد الله وأخو رسول الله ، وأنا الصدّيق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلّا كاذب ، صلّيت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الاُمّة» (٢).
هذه إذن هي خصوصية الزمان الذي وُلِدَ فيه أمير المؤمنين عليه السلام وتربّى وعاش فتوّته.
أمّا تفرّده بفضل المكان ، فقد وُلِدَ عليه السلام في الكعبة المعظّمة ـ ببيت الله الذي رفع قواعده أبوه إبراهيم عليه السلام ـ بطريقة إعجازية متلبّسة بالأسرار بما اشتملت عليه من انشقاق جدار البيت ، ودخول فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة ، ومن ثمّ التآم موضع الشقّ ، وبقائها في البيت ثلاثة أيّام تأكل من طعام الجنّة ، وطلوع الوليد شاخصاً بوجهه إلى السماء ، مستقبلاً الأرض بكفّيه ، ناطقاً باسم الله ، مديراً ظهره للأصنام.
__________________
(١) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح) : ٣٠١ ، خ ١٩٢.
(٢) المستدرك على الصحيحين (للحاكم) ٣ : ١١١ ـ ١١٢.