وكذلك وليد الكعبة هو أوّل قدوة مُثلى للبشر بعد النبيّ صلى الله عليه وآله في مسيرهم نحو مدارج الكمال في العلم والمعرفة ومكارم الأخلاق.
وهو من النبيّ صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعده صلى الله عليه وآله.
والنبيّ صلى الله عليه وآله دار الحكمة وعليّ عليه السلام بابها.
وهو صلى الله عليه وآله مدينة العلم وعليّ عليه السلام بابها.
وعلي عليه السلام عيبة الأسرار الإلهيّة وخازن المآثر النبويّة ، وأعلم الناس بالكتاب العظيم ، وأعلمهم بسنّة النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله.
ومنها : القصد والاختبار :
فالبيت الحرام جعله الله تعالى محلّ اختبار وامتحان للخلق ، فقد أمر الله سبحانه الخلق : «أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ ، فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ ، وَغَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ ، تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَارِزِ قِفَارِ سَحِيقَةٍ ، وَمَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ ، وَجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْتَطِعَةٍ ، حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلاً يُهَلِّلُونَ لِلَهِ حَوْلَهُ ، وَيَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ ، قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، وَشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ، ابْتِلاءً عَظِيماً ، وَامْتِحَاناً شَدِيداً ، وَاخْتِبَاراً مُبِيناً ، وَتَمْحِيصاً بَلِيغاً ، جَعَلَهُ اللَهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ ، وَوُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ» (١).
وعن الإمام الصادق عليه السلام : «هذا بيت استعبد الله به خلقه ، ليختبر طاعتهم في إتيانه ، فحثّهم على تعظيمه وزيارته ، وجعله محلَّ أنبيائه ، وقبلةً للمصلّين إليه ، فهو شعبة من رضوانه ، وطريق يؤدّي إلى غفرانه» (٢).
وأمير المؤمنين عليه السلام مَثَله مثل الكعبة ، يقصده الناس ولا يقصد أحداً ، ويسألونه ولا يسأل أحداً ، ويمتارون منه العلم ولا يمتار من أحد.
__________________
(١) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح) : ٢٩٣ / ١٩٢.
(٢) الكافي (للكليني) ٤ : ١٩٨ / ١.