له بهذا الرسول وصلة منيعة ، ومنزلة رفيعة ، يزوَجه ابنته ، وبكون من صلبه ذريّته ، يقوم بسنته ، ويتولّى دفنه في حفرته ، قائد جيشه ، والساقي من حوضه ، والمهاجر معه عن وطنه ، الباذل دونه دمه.
سيصح لكِ ما ذكرتُ من دلالته إذا رُزقتيه ، وتَرينَ ما قلتهُ فيه عياناً ، كما صحَ لي دلائل محمّد المحمود بالله.
إنّ ما وصفتُه من أمرهما موجودٌ مذكورٌ في الأسفار والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى ، ثمّ أنشأ يقول :
لا تعجبي من مقالي سوف تختبري |
|
عمّا قليلٍ تَرَىْ ما قلتُ قد وضحا |
أمّا النبيُّ الذي قد كنتُ أذكره |
|
فاللهُ يعلم ما قولي له مزحاً |
يأوي الرشاد إليه مثل ما سكنت |
|
أُمّ إلى ولدٍ إذْ صادفت نجحا |
ثمّ المؤازر والموصَى إليه إذا |
|
تتابع الصيد من أطرافه كلحا |
فأحمدُ المصطفى يُعطيه رايتَهُ |
|
يحبوه بابنته ما هي بها منحا |
بذاك أخبرنا في الكتب أوّلُنا |
|
والجنّ تسترق الأسماع واتّضحا |
فاستبشري لا تراعى إنّ حظوته |
|
قد خصّها مهره من فضلها ربحا |
قالت فاطمة : فجعلتُ اُفكّر في قوله ، فلمّا كان بعد ليال رأيتُ في منامي كأنّ جبال الشام قد أقبلت تدبّ على عراقيبها ، وعليها جلابيب حديد ، وهي تصيح من صدورها بصوتٍ مَهول ، فأسرعت نحوها جبالُ مكّة ، وأجابتها بمثل صياحها وأهول ، وهي تنضح كالشرر المجمر ، وجبل أبي قبيس ينتفض كالفرس المسربل بالريق المُغتر ، ونصاله تسقط عن يمينه وشماله ، والناس يلتقطون تلك النصول ، فلقطت معهم أربعة أسياف ، وبيضة حديد مذهّبة ، فأوّل ما دخلت مكّة سقط منها سيف في ماء فغمر ، وطار الثاني في الجوّ واستمرّ ،