ثمّ ذكر كفالة أبي طالب إيّاه ، وعدّد سيرته ، وخاتمة أمره وعقباه ، ثمّ قال : وتكفله منكم امرأة تطلب بذلك زيادة العدد ، فسيكون هذا المبارك المحمود لها في طيب الغرس أفضل ولد ، فيحبوه بسرّه ونصيحته ، ويهدى إليه أفضل النساء كريمته.
قالت : فقلتُ له : لقد أصبتَ فيما وصفتَ إلى حيث انتهيتَ ، وقلتَ الحقّ عندما شرحتَ ، أنا المرأة التي أكفله ، زوجة عمّه الّذي يرجوه ويؤمّله.
فقلا لها : إن كنتِ صادقةً فستلدين غلاماً ، رابع أربعة من أولادك ، شجاعاً قمقاماً ، عالماً إماماً ، مطواعاً ، هُماماً بدينه ، قوّاماً لربّه ، مصلّياً صوّاماً ، غير خرق ولا نزق ، ولا أحيف ولا جنف ، اسمه على ثلاثة أحرف ، يلي هذا النبيّ في جميع اُموره ، ويواسيه في قليله وكثيره ، يكون سيفه على أعدائه ، وبابه الّذي يؤتي منه إلى أوليائه ، يقصع في جهاده الكفّار قصعاً ، ويَدُعّ أهل النكث والغدر والنفاق دعّاً ، يفرّج عن وجه نبيه الُربات ، وتجلى به دياجر حندس الغمرات ، أقربهم منه رحماً ، وأمسّهم لحماً ، وأسخاهم كفاً ، وأنداهم يداً ، يُصاهره عىل أفضل كريمة ، ويقيه بنفسه في أوقات شدّته ، تعجب من صبره ملائكة الحجاب ، إذا قهر أهل الشرك بالطعن والضِراب ، يهاب صوته (١) أطفال المهاد ، وترعد من خيفته الفرائضُ يوم الجلاد ، مناقبه معروفة ، وفضائله مشهورة ، هِزبرٌ دفّاع ، شديد منّاع ، مقدام كرّار ، مصدق غير فرّار ، أحمش الصاقين ، غليظ الساعدين ، عريض المنكبين ، رحب الذارعين شرّفه الله بأمينه ، واختصه لدينه ، واستودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، عماد دينه ، ومظهر شريعته ، يصول على الملحدين ، ويغيظ الله به المنافقين ، ينال شم الخيرات ، ويبلغ معالي الدرجات ، يجاهد بغير شك ، ويؤمن من غير شرك.
__________________
(١) ك : تهاب صولته.