وفي كتاب آخر لبعض الأعلام : «وخبر ولادته هناك ـ يعني في البيت ـ مشهورٌ والكتاب به مملوءةٌ ، وروايته متواترةٌ عند الفريقين».
وفي علمائنا من لا يأبه بغير المتواتر ، حيثما تعمل فيه العلماء بالآحاد ، ولذلك رفضوا أخباراً كثيرة لأنّها لم تخرج مخرج التواتر.
ومن أُولئك من أثبت حديث المولد المبارك جازماً به من غير شكٍّ فيه ، ولا إردافٍ له بنقدٍ في متنه ، أة ردّ لإسناده ، وما ذلك إلّا لأنّهم اعتقدوا فيه ما اعتقده غيرهم ممّن وقفت على كلماتهم من التواتر.
فمنهم : أمين الإسلام شيخ المفسّرين ، الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي صاحب (مجمع البيان) ، المتوفّى سنة (٥٤٨ ه) في كتابه (إعلام الورى) فقد أثبتتأريخ الولادة كما عرفته من اليوم والشهر والسنة ، وأنّها بمكّة في البيت الحرام ، وقال : «ولم يُولد في بيت الله تعالى مولودٌ سواه لا قبله ولا بعده ، وهذه فضيلةٌ خصّه الله تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته ، وإعلاءً لقدره» (١).
وأنت تعلم أنّ الإمام الطبرسيّ لم يكُ بالذي يشذُّ هاهنا عمّا أسّسه للعلم والعمل في باب أخبار الآحاد ، وجرى عليه في غير مورد من خصوص هذا الكتاب ، من ردّ أحاديث أخرجت مخرجها ، ولا كان يثبت في كتابٍ ألّفه في الإمامة وبيان الحجّة عليها ومواقف أصحابها من الفضيلة والشرف إلّا ما تعترف به الاُمّة على بكرة أبيها ، وترويها في أجيالها وأدوارها.
ومن اُولئك : علم الهدى ، ذو المجدين ، الشريف المرتضى ، المتوفى سنة (٤٣٦ ه) في شرح القصيدة المذهّبة للسيد الحميري ، قال :
__________________
(١) إعلام الورى : ١٥٣ ، وانظر تاج المواليد : ١٢.