علينا من الباب رجلٌ طويلٌ ، عليه قَباءُ خزّ أدكن ، معتمٌ بعمامة أنجمية صفراء ، متلقّد بسيفين ، فنزلَ من غير سلام ، ولم ينطق بكلام ، فتطاول إليه الناسُ بالأعناق ، ونظروا إليه بالآماق ، ووقف عليه الناس من جميع الآفاق ، وأمير المؤمنين عليه السّلام لا يرفعُ رأسه ، فلمّا هدأ من الناس الحواسّ ، فسح عن لسانه كأنّه حُسامٌ صقيلٌ جُذِبَ من غِمده ، وقال :
«أيّكم المجتبى في الشّجاعة ، والمعمّم بالبراعة ، والمدرّع بالقناعة؟
أيّكم المولود في الحرم ، والعالي في الشِيم ، والموصول بالكرم؟» (١).
ورواه الشيخ أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن عليّ بن عليّ الحلّي ، أو الجبلي ، في (أربعينه) الذي يروي أحاديثه عن مشايخه من العامّة في مجلس واحد سنة (٦١٠ ه) ، وذكر شيخنا العلّامة بحّاثة العصر الحاضر في الذريعة (٢) : أنّه من علماء الحلّة من الإمامية.
فذكر فيه الحديث الأوّل بإسناده إلى أبي جعفر ميثم التمارّ مثله ، غير أنّ بينهما اختلافاً في بعض الحروف ، وفيه أنّه قال :
«أيّكم الإمام الأروع الأورع ، البطين الأنزع ، المولود في الحرم ، العالي الهمم ، الكريم الشيم؟
أيّكم حيدر أبو تراب ، قالع الباب ، وهازم الأحزاب ، الذي فتح له ـ حين سدّت الأبواب ـ باب ، والذي نصب للعبّاس الميزاب؟» (٣).
__________________
(١) الأربعون حديثاً ، مخطوط ، ورواه في نوادر المعجزات : ١٠ ، واليقين : ٧٣ ، وفضائل ابن شاذان ، الحديث الأول.
(٢) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١ : ٤١١.
(٣) الأربعون حديثاً : ٩ ، مخطوط.