الصوت عند ذبحه للصنم. والإهلال أصله رؤية الهلال ، يقال : أهل الهلال وأهللته. لكن لما جرت العادة أن يرفع الصوت بالتكبير إذا رؤي سمي ذلك إهلالا ، ثم قيل لرفع الصوت وإن كان لغيره. (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ) بالاستيثار على مضطر آخر. وقرأ عاصم وأبو عمرو حمزة بكسر النون. (وَلا عادٍ) سد الرمق ، أو الجوعة. وقيل ؛ غير باغ على الوالي. ولا عاد بقطع الطريق. فعلى هذا لا يباح للعاصي بالسفر وهو ظاهر مذهب الشافعي وقول أحمد رحمهماالله تعالى. (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في تناوله. (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لما فعل (رَحِيمٌ) بالرخصة فيه. فإن قيل : إنما تفيد قصر الحكم على ما ذكر وكم من حرام لم يذكر. قلت : المراد قصر الحرمة على ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا ، أو قصر حرمته على حال الاختيار كأنه قيل إنما حرم عليكم هذه الأشياء ما لم تضطروا إليها.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(١٧٥)
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) عوضا حقيرا. (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) إما في الحال ، لأنهم أكلوا ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار كقوله :
أكلت دما إن لم أرعك بضرة |
|
بعيدة مهوى القرط طيبة النّشر |
يعني الدية. أو في المآل أي لا يأكلون يوم القيامة إلا النار. ومعنى في بطونهم : ملء بطونهم. يقال أكل في بطنه وأكل في بعض بطنه كقوله :
كلوا في بعض بطنكمو تعفوا
(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) عبارة عن غضبه عليهم ، وتعريض بحرمانهم حال مقابليهم في الكرامة والزلفى من الله. (وَلا يُزَكِّيهِمْ) لا يثني عليهم. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) في الدنيا. (وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ) في الآخرة ، بكتمان الحق للمطامع والأغراض الدنيوية. (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) تعجب من حالهم في الالتباس بموجبات النار من غيره مبالاة. وما تامة مرفوعة بالابتداء ، وتخصيصها كتخصيص قولهم :
شرّ أهرّ ذا ناب
أو استفهامية وما بعدها الخبر ، أو موصولة وما بعدها صلة والخبر محذوف.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ)(١٧٦)
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي ذلك العذاب بسبب أن الله نزل الكتاب بالحق فرفضوه بالتكذيب أو الكتمان. (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) اللام فيه إما للجنس ، واختلافهم إيمانهم ببعض كتب الله تعالى وكفرهم ببعض. أو للعهد ، والإشارة إما إلى التوراة ، واختلفوا بمعنى تخلفوا عن المنهج المستقيم في تأويلها ، أو خلفوا خلال ما أنزل الله تعالى مكانه ، أي حرفوا ما فيها. وإما إلى القرآن واختلافهم فيه قولهم سحر ، وتقوّل ، وكلام علمه بشر ، وأساطير الأولين. (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) لفي خلاف بعيد عن الحق.
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ