رفاعة طلقني فبت طلاقي ، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني وإن ما معه مثل هدبة الثوب. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ قالت : نعم ، قال : لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك». فالآية مطلقة قيدتها السنة ، ويحتمل أن يفسر النكاح بالإصابة ، ويكون العقد مستفادا من لفظ الزوج. والحكمة في هذا الحكم الردع عن التسرع إلى الطلاق والعود إلى المطلقة ثلاثا والرغبة فيها ، والنكاح بشرط التحليل فاسد عند الأكثر. وجوزه أبو حنيفة مع الكراهة ، وقد لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم المحلل والمحلل له. (فَإِنْ طَلَّقَها) الزوج الثاني (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) أن يرجع كل من المرأة والزوج الأول إلى الآخر بالزواج ، (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) إن كان في ظنهما أنهما يقيمان ما حده الله وشرعه من حقوق الزوجية ، وتفسير الظن بالعلم هاهنا غير سديد لأن عواقب الأمور غيب تظن ولا تعلم ، ولأنه لا يقال علمت أن يقوم زيد لأن أن الناصبة للتوقع وهو ينافي العلم. (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي الأحكام المذكورة. (يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يفهمون ويعلمون بمقتضى العلم.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢٣١)
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي آخر عدتهن ، والأجل يطلق للمدة ولمنتهاها فيقال لعمر الإنسان وللموت الذي به ينتهي قال :
كلّ حيّ مستكمل مدّة العم |
|
ر ومود إذا انتهى أجله |
والبلوغ هو الوصول إلى الشيء ، وقد يقال للدنو منه على الاتساع ، وهو المراد في الآية ليصح أو يرتب عليه. (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) إذ لا إمساك بعد انقضاء الأجل ، والمعنى فراجعوهن من غير ضرار ، أو خلوهن حتى تنقضي عدتهن من غير تطويل ، وهو إعادة للحكم في بعض صوره للاهتمام به. (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً) ولا تراجعوهن إرادة الإضرار بهن ، كأن المطلق يترك المعتدة حتى تشارف الأجل ثم يراجعها لتطول العدة عليها ، فنهي عنه بعد الأمر بضده مبالغة. ونصب ضرارا على العلة أو الحال بمعنى مضارين. (لِتَعْتَدُوا) لتظلموهن بالتطويل أو الإلجاء إلى الافتداء ، واللام متعلقة بضرارا إذ المراد تقييده. (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) بتعريضها للعقاب. (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) بالإعراض عنها والتهاون في العمل بما فيها من قولهم لمن لم يجد في الأمر إنما أنت هازئ ، كأنه نهي عن الهزء وأراد به الأمر بضده. وقيل ؛ (كان الرجل يتزوج ويطلق ويعتق ويقول : كنت ألعب) فنزلت. وعنه عليه الصلاة والسلام : «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد ، الطلاق والنكاح والعتاق» (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) التي من جملتها الهداية ، وبعثة محمد صلىاللهعليهوسلم بالشكر والقيام بحقوقها. (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ) القرآن والسنة أفردهما بالذكر إظهارا لشرفهما. (يَعِظُكُمْ بِهِ) بما أنزل عليكم. (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تأكيد وتهديد.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢٣٢)
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي انقضت عدتهن ، وعن الشافعي رحمهالله تعالى دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين. (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) المخاطب به الأولياء لما روي (أنها