قيل لمحمّد بن بشير الحضرمى فى تلك الحال قد اسر ابنك بثغر الرّى ، فقال عند الله احتسبه ونفسى ما كنت أحبّ أن يوسر وأنا أبقى بعده ، فسمع الحسين عليهالسلام قوله ، فقال: رحمك الله أنت فى حلّ من بيعتى ، فاعمل فى فكاك ابنك ، فقال اكلتنى السباع حيا إن فارقتك ، قال فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعين بها فى فداء أخيه فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.
قال الراوى : وبات الحسين عليهالسلام وأصحابه تلك اللّيلة ولهم دوىّ كدوىّ النحل ، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فعبر عليهم فى تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلا وكذا كانت سجيّة الحسين عليهالسلام فى كثرة صلاته وكمال صفاته (١)
٦ ـ قال الفتال : فجمع الحسين عليهالسلام أصحابه عند قرب المساء قال علىّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام : فدنوت منهم لأسمع ما يقول لهم ، وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبى عليهالسلام يقول لأصحابه : اثنى على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء ، اللهمّ انّى أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة ، وعلّمتنا القرآن وفهّمتنا فى الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين.
أمّا بعد فإنّى لا أعلم أصحابا ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أصحابى ، وأهل بيتى ، فجزاكم الله عنّى خيرا ألا وإنّى لأظنّ يوما لنا من هؤلاء ، إلّا وقد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا فى حلّ ليس عليكم من ذمام ، هذا اللّيل ، قد غشيكم فاتّخذوه جملا ، فقال إخوته وأبناءه وبنى أخيه وابنا عبد الله بن جعفر لم نفعل لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك اليوم أبدا بدأهم بهذا القول العبّاس بن على رضى الله عنه ، واتبعته
__________________
(١) اللهوف : ٤٠.