حفر هناك وأن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
أصبح عمر بن سعد فى ذلك اليوم وهو يوم الجمعة وقيل يوم السبت فعبّأ أصحابه وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين عليهالسلام ، وكان على ميمنته عمرو بن الحجّاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذى الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجالة شبث بن ربعى ، وأعطى الراية دريدا مولاه فروى عن علىّ بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام انّه قال :
لمّا أصبحت الخيل تقبل على الحسين عليهالسلام رفع يديه وقال : اللهمّ أنت ثقتى فى كلّ كرب وأنت رجائى فى كلّ شدّة وأنت لى فى كلّ أمر نزل بى ثقة وعدّة ، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدوّ أنزلته بك وشكوته إليك رغبة منّى إليك ، عمّن سواك ففرّجته عنّى وكشفته فانت ولىّ كلّ نعمة وصاحب كلّ حسنة ومنتهى كلّ رغبة.
قال وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين عليهالسلام فيرون الخندق فى ظهورهم ، والنار تضطرم فى الحطب والقصب الّذي كان القى فيه ، فنادى شمر بن ذى الجوشن بأعلى صوته يا حسين أتعجّلت النار قبل يوم القيامة فقال الحسين عليهالسلام من هذا كأنّه شمر بن ذى الجوشن فقالوا له : نعم ، فقال له يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليّا ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين عليهالسلام من ذلك.
فقال له دعنى حتّى أرميه فانّه الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبّارين ، وقد أمكن الله منه ، فقال له الحسين عليهالسلام لا ترمه فانّى أكره أن أبدأهم ثمّ دعى الحسين عليهالسلام براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته يا أهل العراق وجلّهم يسمعون ، فقال : أيّها الناس أسمعوا قولى ، ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما يحقّ لكم علىّ وحتّى اعذر إليكم فان أعطيتمونى النصف كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطونى النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم.