أعمالكم ، أيّنا مرق من الدّين ، ومن هو أولى بصلى النار! قال : ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين فى ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات ، فاضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أوّل أصحاب الحسين.
ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وارتفعت الغبرة ، فاذا هم به صريع ، فمشى إليه الحسين فاذا به رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة ، (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) ودنا منه حبيب بن مظاهر ، فقال : عزّ علىّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنّة فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير! فقال له حبيب : لو لا انّى أعلم أنّى فى أثرك لا حق بك من ساعتى هذه ، لأحببت أن توصينى بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك فى كلّ ذلك بما أنت أهل له فى القرابة والدين ، قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين ـ أن تموت دونه ، قال : أفعل وربّ الكعبة.
قال : فما كان بأسرع من أن مات فى أيديهم ، وصاحت جارية له فقالت : يا ابن عوسجاه! يا سيّداه! فتنادى أصحاب عمرو بن الحجّاج : قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي ، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه : ثكلتكم أمهاتكم! إنمّا تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّلون أنفسكم لغيركم ، تفرحون أن يقتل مثل مسلم ابن عوسجة! أما والّذي أسلمت له لربّ موقف له قد رأيته فى المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل أن تتامّ خيول المسلمين ، أفيقتل منكم مثله ، وتفرحون! قال : وكان الّذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبد الله الضبّابى وعبد الرحمن بن أبى خشكارة البجلى (١)
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣٥.