ما اقرب الوعد من الرحيل
قالت زينب كأنّك تخبر أنّك تغصب نفسك اغتصابا ، فقال لو ترك القطا ليلا لنام ، فلمّا اصبحوا عبّى الحسين عليهالسلام أصحابه وأمر بأطناب البيوت فقربت حتّى دخل بعضها فى بعض ، وجعلوها وراء ظهورهم ، ليكون الحرب من وجه واحد ، وأمر بحطب وقصب كانوا أجمعوه وراء البيوت فطرح ذلك فى خندق جعلوه وألقوا فيه النار وقال لا تؤتى من ورائنا (١).
٤ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وجلس الحسين عليهالسلام فرقد ثمّ استيقظ ، فقال : يا اختاه إنّى رأيت الساعة جدّى محمّد صلىاللهعليهوآله وأبى عليّا وأمّى فاطمة وأخى الحسن وهم يقولون يا حسين انك رائح إلينا عن قريب وفى بعض الروايات غدا ، قال الراوى فلطمت زينب وجهها وصاحت وبكت ، فقال لها الحسين مهلا لا تشمتى القوم بنا ثمّ جاء اللّيل فجمع الحسين عليهالسلام أصحابه فحمد الله واثنى عليه ثمّ أقبل عليهم فقال :
أمّا بعد فانّى لا أعلم أصحابا أصلح منكم ، ولا أهل بيت أبّر ولا أفضل من أهل بيتى ، فجزاكم الله جميعا عنّى خيرا وهذا اللّيل قد غشيكم ، فاتّخذوه جملا ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتى وتفرّقوا فى سواد هذا اللّيل وذرونى وهؤلاء القوم ، فانّهم لا يريدون غيرى ، فقال له إخوته وأبناؤه وابناء عبد الله بن جعفر ، ولم نفعل ذلك لنبقى بعدك ، لا أرانا الله ذلك أبدا ، بدأهم بذلك القول العبّاس ابن علىّ عليهالسلام ثمّ تابعوه.
قال الراوى ثمّ نظر إلى بنى عقيل فقال : حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم
__________________
(١) المناقب : ٢ / ٢١٦