(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢٠)
____________________________________
لتفتدى منه بمالها وتختلع فقيل لهم (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ) عطفا على ترثوا ولا لتأكيد النفى والخطاب للأزواج والعضل الحبس والتضييق ومنه عضلت المرأة بولدها إذا اختنقت رحمها فخرج بعضه وبقى بعضه أى ولا أن تضيقوا عليهن (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) أى من الصداق بأن يدفعن إليكم بعضه اضطرارا فتأخذوه منهن وإنما لم يتعرض لفعلهن إيذانا بكونه بمنزلة العدم لصدوره عنهن اضطرارا وإنما عبر عن ذلك بالذهاب به لا بالأخذ ولا بالإذهاب للمبالغة فى تقبيحه ببيان تضمنه لأمرين كل منهما محظور شنيع الأخذ والإذهاب منهن لأنه عبارة عن الذهاب مستصحبا به (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) على صيغة الفاعل من بين بمعنى تبين وقرىء على صيغة المفعول وعلى صيغة الفاعل من أبان بمعنى تبين أى بينة القبح من النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء والسلاطة ويعضده قراءة أبى إلا أن يفحشن عليكم وقيل الفاحشة الزنا وهو استثناء من أعم الأحوال أو أعم الأوقات أو أعم العلل أى ولا يحل لكم عضلهن فى حال من الأحوال أو فى وقت من الأوقات أو لعلة من العلل إلا فى حال إتيانهن بفاحشة أو إلا فى وقت إتيانهن أو إلا لإتيانهن بها فإن السبب حينئذ يكون من جهتهن وأنتم معذورون فى طلب الخلع (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) خطاب للذين يسيئون العشرة معهن والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة والمراد ههنا النصفة فى المبيت والنفقة والإجمال فى المقال ونحو ذلك (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ) وسئمتم صحبتهن بمقتضى الطبيعة من غير أن يكون من قبلهن ما يوجب ذلك من الأمور المذكورة فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس واصبروا على معاشرتهن (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) علة للجزاء أقيمت مقامه للإيذان بقوة استلزامها إياه كأنه قيل فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة فلعل لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا ليس فيما تحبونه وعسى تامة رافعة لما بعدها مستغنية عن تقدير الخبر أى فقد قربت كراهتكم شيئا وجعل الله فيه خيرا كثيرا فإن النفس ربما تكره ما هو أصلح فى الدين وأحمد عاقبة وأدنى إلى الخير وتحب ما هو بخلافه فليكن نظركم إلى ما فيه خير وصلاح دون ما تهوى أنفسكم وذكر الفعل الأول مع الاستغناء عنه وانحصار العلية فى الثانى للتوسل إلى تعميم مفعوله ليفيد أن ترتيب الخير الكثير من الله تعالى ليس مخصوصا بمكروه دون مكروه بل هو سنة إلهية جارية على الإطلاق حسب اقتضاء الحكمة وأن ما نحن فيه مادة من موادها وفيه من المبالغة فى الحمل على ترك المفارقة وتعميم الإرشاد ما لا يخفى وقرىء ويجعل مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف والجملة حالية تقديره وهو أى ذلك الشىء يجعل الله فيه خيرا كثيرا وقيل تقديره والله يجعل بوضع المظهر موضع المضمر وتنوين خيرا لتفخيمه الذاتى ووصفه بالكثرة لبيان فخامته الوصفية والمراد به ههنا الولد الصالح وقيل الألفة والمحبة (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ) أى تزوج امرأة ترغبون فيها (مَكانَ زَوْجٍ) ترغبون عنها بأن تطلقوها (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ) أى أحدى الزوجات فإن المراد بالزوج هو الجنس