(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) (٣٨)
____________________________________
(وَبِذِي الْقُرْبى) أى بصاحب القرابة من أخ أو عم أو خال أو نحو ذلك (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) من الأجانب (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) أى الذى قرب جواره وقيل الذى له مع الجوار قرب واتصال بنسب أودين وقرىء بالنصب على الاختصاص تعظيما لحق الجار ذى القربى (وَالْجارِ الْجُنُبِ) أى البعيد أو الذى لا قرابة له وعنه عليه الصلاة والسلام الجيران ثلاثة فجار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام وجار له حق واحد وهو حق الجوار وهو الجار من أهل الكتاب وقرىء والجار الجنب (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) أى الرفيق فى أمر حسن كتعلم وتصرف وصناعة وسفر فإنه صحبك وحصل بجانبك ومنهم من قعد بجنبك فى مسجد أو مجلس أو غير ذلك من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه وقيل هى المرأة (وَابْنِ السَّبِيلِ) هو المسافر المنقطع به أو الضيف (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من العبيد والإماء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً) أى متكبرا يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم (فَخُوراً) يتفاخر عليهم والجملة تعليل للآمر السابق (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) بضم الباء وسكون الخاء وقرىء بفتح الأول وبفتحهما وبضمهما والموصول بدل من قوله تعالى (مَنْ كانَ) أو نصب على الذم أو رفع عليه أى هم الذين أو مبتدأ خبره محذوف تقديره الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون أحقاء بكل ملامة (يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أى من المال والغنى أو من نعوته عليهالسلام التى بينها لهم فى التوراة وهو أنسب بأمرهم للناس بالبخل فإن أحبارهم كانوا يكتمونها ويأمرون أعقابهم بكتمها (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) وضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بأن من هذا شأنه فهو كافر بنعمة الله تعالى ومن كان كافرا بنعمة الله تعالى فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء والآية نزلت فى طائفة من اليهود كانوا يقولون للأنصار بطريق النصيحة لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر وقيل فى الذين كتموا نعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم والجملة اعتراض تذييلى مقرر لما قبلها (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) أى للفخار وليقال ما أسخاهم وما أجودهم لا لابتغاء وجه الله تعالى وهو عطف على الذين يبخلون أو على الكافرين وإنما شاركوهم فى الذم والوعيد لأن البخل والسرف الذى هو الإنفاق فيما لا ينبغى من حيث أنهما طرفا تفريط وإفراط سواء فى القبح واستتباع اللائمة والذم ويجوز أن يكون العطف بناء على إجراء التغاير الوصفى مجرى التغاير الذاتى كما فى قوله[إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتائب فى المزدحم] أو مبتدأ خبره محذوف يدل عليه قوله تعالى (وَمَنْ يَكُنِ) الخ كأنه قيل والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ)