(أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٢) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٥٣)
____________________________________
لا خير عنده فأبدل السين تاء وقيل الجبت الساحر بلغة الحبشة والطاغوت الشيطان قيل هو فى الأصل كل ما يطغى الإنسان. روى أن حيى بن أخطب وكعب بن الأشرف اليهوديين خرجا إلى مكة فى سبعين راكبا من اليهود ليحالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وينقضوا العهد الذى كان بينهم وبينه صلىاللهعليهوسلم فقالوا أنتم أهل كتاب وأنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا نطمئن إليكم ففعلوا فهذا إيمانهم بالجبت والطاغوت لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا وقال أبو سفيان لكعب إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا أهدى طريقا نحن أم محمد فقال ماذا يقول محمد قال يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك قال وما دينكم قالوا نحن ولاة البيت نسقى الحاج ونقرى الضيف ونفك العانى وذكروا أفعالهم فقال أنتم أهدى سبيلا وذلك قوله تعالى (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أى لأجلهم وفى حقهم (هؤُلاءِ) يعنونهم (أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) أى أقوم دينا وأرشد طريقة وإيرادهم بعنوان الإيمان ليس من قبل القائلين بل من جهة الله تعالى تعريفا لهم بالوصف الجميل وتخطئة لمن رجح عليهم المتصفين بأقبح القبائح (أُولئِكَ) إشارة إلى القائلين وما فيه من معنى البعد مع قربهم فى الذكر للإشعار ببعد منزلتهم فى الضلال وهو مبتدأ خبره قوله تعالى (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) أى أبعدهم عن رحمته وطردهم والجملة مستأنفة لبيان حالهم وإظهار مصيرهم ومآلهم (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ) أى يبعده عن رحمته (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) يدفع عنه العذاب دنيويا كان أو أخرويا لا بشفاعة ولا بغيرها وفيه تنصيص على حرمانهم مما طلبوا من قريش وفى كلمة لن وتوجيه الخطاب إلى كل أحد ممن يتسنى له الخطاب وتوحيد النصير منكرا والتعبير عن عدمه بعدم الوجدان المنبئ عن سبق الطلب مسندا إلى المخاطب العام من الدلالة على حرمانهم الأبدى بالكلية ما لا يخفى (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) شروع فى تفصيل بعض آخر من قبائحهم وأم منقطعة وما فيها من بل للإضراب والانتقال من ذمهم بتزكيتهم أنفسهم وغيرها مما حكى عنهم إلى ذمهم بادعائهم نصيبا من الملك وبخلهم المفرط وشحهم البالغ والهمزة لإنكار أن يكون لهم ما يدعونه وإبطال ما زعموا أن الملك سيصير إليهم وقوله تعالى (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) بيان لعدم استحقاقهم له بل لاستحقاقهم الحرمان منه بسبب أنهم من البخل والدناءة بحيث لو أوتوا شيئا من ذلك لما أعطوا الناس منه أقل قليل ومن حق من أوتى الملك أن يؤثر الغير بشىء منه فالفاء للسببية الجزائية لشرط محذوف أى إن جعل لهم نصيب منه فإذن لا يؤتون الناس مقدار نقير وهو ما فى ظهر النواة من النقرة يضرب به المثل فى القلة والحقارة وهذا هو البيان الكاشف عن كنه حالهم وإذا كان شأنهم كذلك وهم ملوك فما ظنك بهم وهم أذلاء متفاقرون ويجوز أن لا تكون الهمزة لإنكار الوقوع بل لإنكار الواقع والتوبيخ عليه أى لعده منكرا غير لائق بالوقوع على أن الفاء للعطف والإنكار متوجه إلى مجموع المعطوفين على معنى ألهم نصيب وافر من الملك حيث